‏إظهار الرسائل ذات التسميات حسين الحاج. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حسين الحاج. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 7 مارس 2013

مفارقة الأناركية - هربرت ريد


مفارقة الأناركية
هربرت ريد


ترجمة: حسين الحاج
مراجعة: ملكة بدر
افتتاحية الموقع:
“في هذا المقال الشيق، يقدم هربرت ريد مفهوم “العقد الوظيفي” في مقابل “العقد الإجتماعي”. العقد الوظيفي يميز المجتمع الأناركي حيث ينظم فيه الأفراد شئونهم ويتبعون القوانين طبقًا لأهداف عملية تقصد طوعًا من قبل المشاركين فيه. بينما على الجانب الآخر يصبح العقد الإجتماعي أساسًا للديموقراطية الدولانية حيث يصبح الجميع ملزمًا بصورة تلقائية منذ ميلادهم بإتباع سلطة النظام المهيمن. وأصبح إثبات العقد الاجتماعي ممكنًا بعد استبدال القانون الطبيعي “المعايير العقلانية” بالقانون الوضعي “أوامر الدولة” التي نشأت مما يسمى الروح القومية والتي منها تتجسد الدولة.”
***
إنه كان من الرائج، خصوصًا بين الماركسيين الأرثوذكسيين، أن يحملوا ازدراءً لأي نظرية سياسية لا تثبت صلاحيتها عند التطبيق. وأدى هذا التشديد على العمل في كثير من الأحيان على الخلط بين الوسائل والغايات. وغالبًا ما تطغى الوسائل على الغايات وتصبح بديلاً لها. على سبيل المثال، لقد وضعت ديكتاتورية البروليتاريا كوسيلة نحو مجتمع بلا طبقات ثم أصبحت مستقرًا لسيطرة طبقة جديدة في روسيا.
الأناركية لا تخلط بين الوسائل والغايات، ولا بين النظرية والتطبيق، فهي نظرية تعتمد على المنطق وحده، وإذا كان تصور المجتمع الذي ننشده يبدو مثاليًا وخياليًا، فليس يهم، لأن ما تأسس بالمنطق الصحيح لا يمكن أن يخضع للنفعية. قد يكون نشاطنا العملي قائمًا على التقرب التدريجي نحو المثالي، أو قد يكون قائمًا على التحقق الثوري المفاجئ لهذا المثالي، ولكن يجب ألا يكون قائمًا أبدًا على الحلول الوسط. كثيرًا ما يُتهم برودون بأنه أناركي على المستوى النظري، لكنه كان إصلاحيًا على المستوى العملي، والحقيقة أنه كان أناركيًا في كل وقت رافضًا أن يورط نفسه في مخاطر الديكتاتورية. فهو لم يخض لعبة السياسة لأنه كان يعلم أن الإقتصاد هو الحقيقة الأساسية. وهكذا فمن المتخيل الآن أن التغيير في سيطرة الإئتمان المالي أو إقامة نظام جديد في حيازة الأراضي قد يقربنا نحو الأناركية أكثر من ثورة سياسية تحول سلطة الدولة إلى أيدي مجموعة جديدة من المجرمين الطموحين.
الأناركية تعني حرفيًا مجتمع بدون حاكم، لكن هذا لا يعني أنه بدون قانون وبالتالي بدون نظام. الأناركي يقبل العقد الإجتماعي، لكنه يفسر هذا العقد بطريقة معينة يعتقد أنها أكثر الطرق عقلانية.
العقد الإجتماعي، كما عرضه روسو، يعني أن كل فرد في المجتمع يتخلى عن حريته من أجل الخير العام، مع افتراض أن بهذه الطريقة فقط يستطيع الفرد أن يضمن حريته. الحرية يضمنها القانون، والقانون، بإستخدام عبارة روسو، هو التعبير عن الإرادة العامة.
حتى الآن، نحن متفقين، ليس فقط مع روسو، وإنما مع جميع الأعراف الديموقراطية المبنية على الأساس النظري الذي وضعه روسو. ما يحيد فيه الأناركيين عن روسو، وعن ذلك الجانب من العرف الديموقراطي الذي وجد تعبيرًا له في الإشتراكية البرلمانية، هو تفسيره للطريقة التي يجب أن تشكل الإرادة العامة وتفرضها.
روسو نفسه لم يكن متسقًا في هذه المسألة، فهو كان مقتنعًا أنه يجب أن يوجد شكل من أشكال الدولة تعبر عن الإرادة العامة، وأن السلطة التي تحوزها الدولة بالموافقة العامة يجب أن تكون مطلقة. وكان بنفس الدرجة مقتنعًا أن الفرد يجب أن يحتفظ بحريته، وأن بناءً على تمتع الفرد بحريته تقوم كل حضارة وتطور. أدرك روسو أن الصراع الدائم بين الدولة والفرد حقيقة تاريخية، ومن أجل حل هذه المعضلة لجأ إلى نظريته عن التعليم. إذا تربى كل فرد على تقدير جمال وتناسق القانون المتأصل في الطبيعة، فإنه سيعجز عن إقامة الطغيان مثلما يعجز عن احتماله. ويصبح المجتمع الذي يعيش فيه الفرد تلقائيًا مجتمعًا طبيعيًا، مجتمع القبول الحر الذي لا يكون فيه القانون والحرية إلا وجهان للحقيقة واحدة. لكن هذا النظام التعليمي يتطلب سلطة مسبقة الوجود كي تقيمه، وهذه السلطة يجب أن تكون مطلقة.
نظام الحكم الذي يقترحه روسو في كتاب العقد الإجتماعي أرستقراطي منتخب أكثر منه ديموقراطي حقيقي، يتخيل فيه إقامة دولة صغيرة للدرجة التي تتيح لكل فرد فيها أن يراقب وينتقد الحكومة كي يتحكم بهذه الأرستقراطية. ومن المحتمل أنه كان يفكر في نموذجًا مشابهًا لدولة المدينة اليونانية، ومن الموكد أنه لم يبصر المجمعات الواسعة المكونة من ملايين الأفراد التي تشكل الدولة الحديثة، ونحن واثقون أنه سيكون أول من يعلن أن نظامه في مراقبة السلطة لن يعمل في ظل هذه الظروف.
لكن نظريته في الدولة، التي كان لها أثرًا عميقًا على تطور الإشتراكية الحديثة، أخذت كي تطبق على الحشود الواسعة، ثم أصبحت عذرًا لأقصى أشكال الإستبدادية. اعترف بينامين كونستانت بهذا الخطر منذ 1815، الذي وصف كتاب العقد الإجتماعي بأنه أفظع أنواع دعم الإستبداد.
إذا كان ما يدعوه روسو بالشكل الأرستقراطي للحكم مطابق بشكل ما للديموقراطية الحديثة، فإن ما يدعوه بالديموقراطية أقل مطابقة بالنظرية الأناركية الحديثة، ومن الشيق النظر في أسباب رفضه للديموقراطية. فإنه يرفضها لسببين، أولاً: لأنه يعتبر من المستحيل تنفيذها. فلا يمكن أن يجتمع الناس للحكم بصورة مستمرة، يجب أن تفوض السلطة على سبيل الإقتناع المجرد، لكن بمجرد أن تفوض السلطة، فليس هناك أي ديموقراطية بعد ذلك.
والسبب الثاني مثال نموذجي على تناقضه. فكما يقول، إذا كان هناك شعبًا من الآلهة، فإنهم قادرين على أن يحكموا أنفسهم بصورة ديموقراطية، لكن مثل هذه الحكومة المثالية لا تناسب الإنسان.
لكن إذا كانت الديموقراطية أفضل نظم الحكم، فليس لمن أعلن اعتقاده في كمال الإنسان أن يتقيد بآلهة. ما هو جيد بما يكفي للآلهة يكون الأفضل للإنسانية كنموذج. وبالنسبة للمثالي، إذا كان المثالي موجودًا فعلينا أن نعترف به ونسعى بأي حال للتقرب من تحقيقه.
أما السؤال الجوهري في هذه السفسطة فقد تجاهله روسو، وهو عدم واقعية مفهوم الإرادة العامة، ربما تكون هناك قضية واحدة يظهر فيها الناس دائمًا عن إجماعهم أو إرادتهم العامة: الدفاع عن حريتهم المادية، وإلا ينقسمون تبعًا لطبائعهم، وعلى الرغم من عددها المحدود، فهي متنوعة بما فيه الكفاية وتعارض بعضها حتى أنها ستؤدي إلى ظهور جماعات متنافرة في أي مساحة جغرافية معينة.
بحسب هذا الإعتبار، يقول روسو والكثير من الفلاسفة الآخرون أنه من المستحيل تحقيق الديموقراطية. إنهم مجبرون على هذا الإستنتاج لأنه يلتزمون بعناد بالحدود الإعتباطية للدولة الحديثة. حدود تأسست على أنهار وبحار وجبال ومعاهدات عسكرية وليس بالمنطق.
فرضًا أننا تجاهلنا هذه الحدود أو أننا ألغيناها: الحقيقة أن الجنس البشري، قبل أي شئ، ذو رغبات واحتياجات بدائية معينة. وسيشارك بنفسه تبعًا لحاجته وتعاطفه في مجموعات المساعدة المتبادلة وسينظم اقتصادًا طوعيًا يضمن تلبية حاجاته. هذا هو مبدأ المساعدة المتبادلة، الذي شرحه وأثبته كروبوتكين بكثير من الأدلة التاريخية والعلمية. إنه المبدأ الذي يجعله الأناركي أساسًا للنظام الإجتماعي، وبناءً عليه يعتقد أنه يستطيع بناء النموذج الديموقراطي للمجتمع الذي شعر روسو أنه مقصور على الآلهة.
ليس من الضروري إعادة التذكير بالدليل التجريبي هذا الإعتقاد، يمكن الحصول على كتاب كروبتكين بنصف شلن من سلسلة “بينجوين”، وهو عمل يقر بعلميته جميع علماء الإجتماع من كل المدارس. الصعوبة ليست في إثبات مبدأ له ما يدعمه من الدليل النفسي والتجريبي. ولكن في تطبيق هذا المبدأ على الوضع الحالي للمجتمع.
هذا نقوم به مبدئيًا عن طريق أخذ المنظمات التطوعية الموجودة بالفعل والبحث في مدى إمكانية تحويلها لوحدات في المجتمع الديموقراطي. هذه المنظمات هي النقابات العمالية والإتحادات المهنية والجمعيات، كل هذه الجماعات التي تتمحور حول وظيفة الإنسان، ثم نأخذ بعين الإعتبار الأدوار التي تقوم بها الدولة، وأيًا منها ضروري لرفاهيتنا، ونسأل أنفسنا إلى أي مدى نستطيع توكيل هذه الأدوار إلى هذه المنظمات الطوعية. سنستنتج أنه لا توجد أدوار رئيسية لا يمكن نقلها. صحيح أن مهام مثل القيام بالحرب وفرض رسوم الإيجار لا تعبر عن دافع المساعدة المتبادلة، لكن لا حاجة أن نفكر في هذه الأدوار لأنها ستختفي طبيعيًا إذا ألغيت السلطة المركزية للدولة.
أخطاء كل المفكرين السياسيين من أرسطو إلى روسو سببها استخدامهم المفهوم المجرد للإنسان، تفترض أنظمتهم التوحد الأساسي لمخلوقهم المتخيل، وما يقترحونه حقًا أشكال مختلفة من السلطة تفرض التوحد على الإنسان.
لكن الأناركي يعترف بتميز الفرد، ولا يسمح بالتنظيم إلا للفرد الذي يسعى للتعاطف والمساعدة المتبادلة بين زملائه. إذن في الواقع، الأناركي يستبدل العقد الإجتماعي بالعقد الوظيفي، وسلطة هذا العقد لا تمتد إلا أن تفي بعمل محدد.
وبينما يتصور المركزي أو السلطوي السياسي المجتمع جسدًا واحدًا ملزم بالتوحد، يرى الأناركي المجتمع على أنه توازن أو انسجام بين الجماعات، وأن أغلبنا ينتمي إلى جماعة أو أكثر. وتكمن الصعوبة في ترابطهم المتناغم.
لكن هل هذا صعبًا؟ صحيح أن الإتحادات العمالية تتشاجر مع بضعها أحيانًا، لكن إذا حللنا هذه الشجارات سنجد أنه إما تحدث لأسباب خارجة عن دورها (اختلاف تصورهم عن مكانهم في مجتمع رأسمالي غير فعّال مثلاً) أو بسبب منافسات شخصية التي تعكس الصراع من أجل البقاء في العالم الرأسمالي. مثل هذه الإختلافات في الغاية لا علاقة لها بالمنظمات التطوعية وهي في الواقع مستبعدة طبقًا لهذا المفهوم. والإتحادات العمالية عادةً تستطيع أن تتفق فيما بينها بما يكفي حتى في المجتمع الرأسمالي، على الرغم من كل تحريضاتها على التنافس والعدوانية.
إذا ذهبنا خارج زمننا إلى العصور الوسطي كمثال بعيد، سنجد أن التنظيم الوظيفي للمجتمع أثبت أنه يمكن تحقيقه جدًا رغم عدم تحققه الكامل، لكن حال صعود الرأسمالية من اكتماله تدريجيًا، أما في عصور أخرى وأشكال أخرى من المجتمعات، كما أوضح كروبوتكين، فقد تأكدت إمكانية تحقق العلاقات المتداخلة بين الجماعات الوظيفية.
ربما يقال أنه إذا سلمنا أننا نستطيع نقل كل الأدوار الإقتصادية للدولة بهذه الطريقة، فماذا عن الأدوار الأخرى مثل إدارة القانون الجنائي، العلاقات مع الدول الأجنبية التي ليست على نفس مستوى التطور الإجتماعي، التعليم.. إلخ؟
يجيب الأناركي على هذا التساؤل بإجابتين، يفترض في المقام الأول أن أغلب هذه الأنشطة غير الوظيفية عارضة على حالة غير وظيفية، الجريمة على سبيل المثال تمثل ردة فعل على نظام الملكية الخاصة، والعلاقات الأجنبية اقتصادية في أساسها ودوافعها، لكنه من المتفق أن هناك تساؤلات، مثلاً في بعض أوجه القانون العام، تعليم الأطفال، الفضائل العامة، التي قد تكون خارج مجال المنظمات الوظيفية. يزعم الأناركي أن هذه أمور تتبع الحس العام وتحل بالعودة إلى إرادة الخير الفطري للمجتمع. لكن المجتمع لهذا السبب لا يحتاج بالضرورة إلى أي شئ هائل ومجرد مثل الدولة. في الحقيقة، سيكون فعالاً بنسبة عكسية مع حجمه، الأسرة أكثر المجتمعات فعالية لأنها الأصغر. ثم تليها المقاطعة، الرابطة الإنسانية المحلية في المساكن المتجاورة. هذه الجمعيات المحلية يمكن أن تنشئ محاكمها وهذه المحاكم كافية للإدارة بالقانون العام المبني على الحس العام. كانت محاكم القصور الريفية في العصور الوسطى تتعامل مع كل الجرائم والجنح المسجلة على مرتكبيها ضد مؤسسات الكنيسة والدولة المصطنعة.
تعنى الأناركية بهذا المعنى لامركزية كلية للسلطة وتيسير شامل للحياة، ستختفي الكيانات اللاإنسانية مثل المدينة الحديثة، لكن الأناركية لا تعني بالضرورة العودة إلى الحرف اليدوية والنظافة العامة، فلا يوجد تناقض بين الأناركية والطاقة الكهربية، أو بينها وبين النقل الجوي أو تقسيم العمل أو الكفاءة الصناعية، ما دامت الجماعات الوظيفية ستعمل من أجل مصلحتها المشتركة، وليس من أجل فائدة الآخرين أو الخراب المشترك، ستصبح الرغبة في التمتع بالعيش معيارًا للكفاءة.
وهناك اعتبار آخر ذو طابع أكثر موضوعية وإلحاحًا، يظهر ألفريد كوبان في كتابه الرائع الذي نشر مؤخرًا “أزمة الحضارة” أن الكوارث التي وقعت في العالم الغربي نتجت مباشرةً لإعتماد ألمانيا لنظرية السيادة الشعبية أو الوطنية بدلاً من نظرية القانون الطبيعي التي طورتها نزعة الفكر العقلاني في القرن الثامن عشر المعروفة بالتنوير، يقول كوبان أن الفكر الألماني “استبدل الحقوق الطبيعية بالحقوق التاريخية وإرادة الأمة أو الشعب، من أجل تأسيس القانون والحكومة… كانت النتيجة النهائية لنظرية سيادة الأمة بهذه الطريقة استبدال التاريخ بالأخلاق. وهذا الإتجاه كان موجودًا في كل الفكر المعاصر لكل البلدان، إلا إنه قد وصل إلى ذروته في ألمانيا. إن النقطة المميزة للفكر الألماني الحديث هو تحلل الأخلاق في الروح القومية، واستنتاجها العملي أن الدولة أصبحت مصدرًا لكل الأخلاق وأن يجب على الفرد قبول قوانين واجراءات دولته باعتبارها الشرعية الأخلاقية مطلقة”.
لن أكرر الدلائل المفصلة التي عرضها المؤرخ الخبير كوبان في تدعيم مقولته، لأن حقيقتها ظاهرة بصورة كافية. “أصبحت السيادة دينًا سياسيًا اليوم سواء إذا ادعت تبني الديموقراطية أو القومية أو الإشتراكية أو مزيجًا من الثلاثة”. ويترتب على ذلك إننا إذا أردنا تخليص أوروبا بشكل دائم من الخطر الذي تمثله ألمانيا على السلام، فعلينا أولاً دحض جميع مفاهيم السيادة الألمانية. فطالما ظل هذا المفهوم كدين قومي، سنعود باستمرار إلى أدوات سياسة القوة المسلحة والعدوان العشوائي.
وقد كانت ألمانيا العظمى، القلقة أصلا من الاتجاهات التي بدأت تتشكل حينها كرد فعل فوري للثورة الفرنسية، هي التي حذرت شعبها من النزاعات التي تتشكل ضد نفس الوحش الذي خلقوه.
يقول شيلر في كتاب رسائل عن التربية الجمالية للإنسان الصادر عام 1795: “وهكذا انطفأت الحياة الفردية الواقعية، من أجل يستمر المجرد الكلي في حياته البائسة، وتبقى الدولة غريبة عن مواطنيها إلى الأبد، لأنها لا تمس مشاعرهم في أي موضع. تجد السلطات الحاكمة نفسها مضطرة لتصنيف، وبالتالي لتبسيط تعددية المواطنين، ولا تعرف الإنسانية إلا من خلال وسطاء وفي شكل تمثيلي، وبهذا ينتهي بهم الأمر إلى فقدان الاعتبار للإنسانية تمامًا، ومن خلال معالجة ذلك بخلق تفاهم سطحي مصطنع، لا تستطيع كامل طبقات المجتمع أن تتلقى القوانين التي تعاملهم باحتقار. لقد تحطم المجتمع وتشظى في النهاية بسبب احتماله عناء التقليل من طغيان الدولة، وأصبح هذا مصيره منذ أن نشأت معظم الدول الأوروبية، تحللت في ما يمكن تسميته دولة الطبيعة الأخلاقية، حيث لم يعد للسلطة العامة إلا دور واحد، تكره وتخدع الذين يؤمنون بضرورتها، وتحترم الذين يمكنهم الإستغناء عنها”.
يصرح شيلر بهذه الكلمات المتبصرة أن التضاد الذي تم تجاهله في تطور أوروبا السياسي الحديث بين الحرية الطبيعية والتنظيم الآلي أدي إلى النتائج التي نراها حولنا الآن.
الأناركية هي الإحتجاج الأخير والأكثر إلحاحًا على هذا المصير، حيث تستدعي المبادئ التي يمكن أن تضمن وحدها الإنسجام بين الإنسانية وتطور عبقريتها المبدعة.



[1] هربرت ريد (1893-1968) كاتب وشاعر إنجليزي، أشهر كتبه المترجمة إلى العربية (إلى الجحيم بالثقافة).

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

النقابية العمالية الثورية مفتاح الثورة ترجمة : حسين الحاج


النقابية العمالية الثورية
مفتاح الثورة
ترجمة : حسين الحاج 




النقابات العمالية هي منظمات الطبقة العاملة المناضلة التي أنشئت من أجل الدفاع عن مصالحنا كعمال ضد رؤسائنا. لكن الإتحادات العمالية تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك، فليس عليها أن تناضل ضد أرباب العمل في الوقت الحالي فقط، بل علينا أن نجعلها تنظم إضرابًا ثوريًا عامًا حيث يأخذ العمال الأراضي والمصانع من أرباب العمل، ويديرونها بأنفسهم لمصلحة العمال والفقراء. لن تتحقق الإشتراكية والحرية عن طريق البرلمان، يمكن فقط أن تتحقق هزيمة الرؤساء بكفاح العمال ومنظماتنا، يمكن أن تتحقق فقط من خلال النقابية الصناعية الثورية (اللاسلطوية النقابية).

لماذا نحتاج لإتحادات عمالية؟
أُنشئت الإتحادات العمالية بسبب حاجتنا إلى التوحد ضد أرباب العمل الذين يستغلوننا. نحن كثير وهم قلائل، لكننا نقوم بكل العمل ويحصلون هم على جميع الأموال. لقد بنينا الإتحادات الصناعية حتى نقاوم رؤساءنا. الإتحادات تمد العمال بالقوة لأنها تربط العديد منّا في منظمة قوية. إنها تمدنا بالقوة لأنها تستطيع تنظيمنا لضرب المدير في أكثر الأماكن إيلامًا، في جيبه، وذلك لأنها يمكن أن تحدث خللاً في الإنتاج (مصدر ثروة أرباب العمل) من خلال العمل الجماهيري. الإتحادات تجمع العمال لأنها تعزز القوة والثقة في الوحدة ومقاومة الرؤساء. ومن أجل ذلك يكره الرؤساء الإتحادات.

هل هناك مشاكل داخل الإتحادات ؟
نعم، هناك بعض المشاكل المهمة. وعلينا نحن العمال أن نأخذ هذه المشاكل بجدية. أول مشكلة هي أن الإتحادات تدار على نحوٍ متزايد بواسطة موظفين بتفرغ كامل. هؤلاء الموظفون يدفع لهم أكثر منّا، وكثير منهم يرون أن الإتحاد "مجرد عمل آخر". يصبح هؤلاء القادة محافظين لأنهم لا يريدون اتحادًا أكثر اشتباكًا، فهم ليسوا عمالاً بعد الآن، وهكذا ينسون ما عليه الحال. وبدلاً من ذلك فإنهم يفضلون قضاء أوقاتهم في التفاوض. وهذا يعني أحيانًا أنهم لا يدعمون كفاحنا، وغالبًا ما يتخذون قرارات استبدادية، فكثير منهم يرفض الإشتراكية، وإنهم يفضلون أن يجمعون الأموال من أجل الدخول في مجال التجارة لاحقًا.

ماذا يمكن أن نفعل ؟
يجب أن تتحول النقابات إلى منظمات نضالية حقيقية يديرها العمال ويحتكموا فيها. النقابات العمالية هي منظمات الطبقة العاملة المناضلة التي أنشئت من أجل الدفاع عن مصالحنا ضد أصحاب العمل. نستطيع تحقق الإشتراكية الحقيقية فقط من خلال تحرك النقابات العمالية الثورية لانتزاع الأرض والمصانع. لن تتحقق الإشتراكية من خلال البرلمان. يجب على الإتحادات أن تستولي على المزارع والمصانع وتضعها تحت الإدارة الذاتية للعمال. هذا هو جوهر برنامجنا: النقابية الصناعية الثورية (اللاسلطوية النقابية).
لا يمكن تحقيق هذا من خلال تعيين موظفون جدد بتفرغ كامل. يمكن أن يتحق ذلك، فقط بالتأكيد على سيطرة العمال على الإتحادات. القرارات يجب أن تؤخذ عن طريق إجتماعات جماهيرية وانتخابات لمجالس المندوبين العماليين المتواجدين في مقر العمل.
 لكي يتم التأكد من حدوث ذلك، يجب على العمال المناضلين والمندوبين العماليين تكوين جماعات معارضة داخل الإتحاد. هذه الجماعات ستحاول أن تتأكد من ديموقراطية الإتحادات، وعليها أن تشجع العمال على التوحد ومقاومة الرؤساء. يجب على هذه الجماعات أيضًا النضال من أجل حقوق مساوية للمرأة.  إننا لا نحتاج إلى موظفين بمرتبات، يجب أن تعمل الإتحادات بالعمال ومندوبيهم.

هل يمكن أن تخلق الإتحادات المجتمع الإشتراكي؟

نعم، تستطيع الإتحادات ذلك، بشرط حدوث ثلاثة أشياء:
·        أن يقوم العمال بإدارة الإتحادات بطريقة ديموقراطية.
·        أن تغير الإتحادات سياساتها بحيث أن تقبل مبدأ إستيلاءها على الأرض والمصانع ووضعها تحت إدارة العمال الذاتية.
·        أن تتوحد كل النقابات العمالية في إتحاد واحد ضخم تحت إدارة العمال.

الإشتراكية والحكومة:
تخلت العديد من النقابات عن الكفاح الإشتراكي، بعضهم يقول أنهم إشتراكيين، لكنهم يرون أن الإشتراكية ستتحقق عن طريق الوصول لكراسي الوزارة. لكن الإشتراكية لن تتحقق عن طريق الحكومة. الحكومة تدعم أرباب العمل، لم يقبض على مدير في إضراب أبدًا، بل يقبضون على العمال. أصحاب العمل هم الحكام الحقيقيون.
البرلمانات لا تملك القوة الفعلية، بل تكمن في مجالس إدارة الشركات والجيش والشرطة والطبقة العليا من مسؤولي الدولة. ولا يبالي السياسيون بذلك لأنهم يعيشون الحياة الجميلة التي لا يستطيع العمال إلا أن يحلموا بها فقط. وهكذا يقبض الثري بقبضة خانقة على مصير العمال. إنه يستغلنا في المصنع ويهيمن على البلد كذلك.
الإشتراكية الحقيقية يمكن أن تتحقق إذا قام العمال بأنفسهم من خلال إتحادهم بالسيطرة وإدارة الأرض والمصانع. واستبدال الحكومة بديموقراطية عمالية تقوم على الإتحادات. هذا يمكن أن يتحقق فقط إذا اتفقنا أن هذا طريق التقدم. وبكلمات أخرى، علينا أن نقنع جميع العمال بهذه الحقيقة. ثم علينا أن نجعل اتحاداتنا تتفق على هذه السياسة.

إتحاد عمالي واحد ضخم:
إننا بحاجة أن نبقي الإتحادات مستقلة عن كل الأحزاب السياسية. الأحزاب السياسية لا تستطيع تقديم الحرية، العمال فقط هم القادرون على تحرير أنفسهم. الأحزاب السياسية أحد الأسباب الرئيسية في إنقسام الإتحادات. إنه من المنطقي أن يتوحد العمال في اتحاد واحد ضخم، لكن الإتحادات منقسمة بين هذا الذي يدعم ذاك الحزب، والآخر الذي يدعم ذلك الحزب فيضعف كفاحنا. علينا أن نجمع الإتحادات – صناعة واحدة، اتحاد واحد، بلد واحد. دعونا ندمج كل الإتحادات التقدمية ببعضها ونوحد كل العمال بغض النظر عن العرق أو الإعتقاد. اتحاد واحد ضخم يعني القوة التي ستحطم أرباب العمل وتأخذ المصانع والأرض.

الإضراب الثوري العام:
الطريق إلى ديموقراطية العمال والإشتراكية يبدأ من العمل الجماهيري وليس من خلال الإنتخابات. علينا النضال ضد أرباب العمل كل يوم، الإضرابات والتباطؤ والسيطرة هي أسلحة العمال.
عندما نتوحد جميعًا بما يكفي، يجب أن ندعو إلى إضراب ثوري عام يومًا ما. بدلاً من الجلوس في المنازل أو التظاهر في المدينة، يجب علينا أن نذهب إلى الشركات والمصانع ونستولي عليها ثم نضعها تحت الإدارة الذاتية للعمال ونطرد أصحاب العمل. نستطيع أن ندير الحقول والمصانع فنحن نقوم بالعمل على كل حال. بالعمل جنبًا إلى جنب مع هياكل المجتمع من الطبقة العاملة والريفيين الفقراء ستنهي ثورة الإتحادات العمالية هذا النظام الرأسمالي. لا أثرياء بعد اليوم.
بدلاً من تلقي الأوامر من أرباب العمل، ندير نحن مقار أعمالنا بديموقراطية. ومن خلال الإتحادات، سنصل بين العمال الآخرين عبر الوطن وعبر العالم. نستطيع أن نخطط لإنتاج يفي بإحتياجاتنا وليس بجشع رؤساءنا. بدلاً من الرأسمالية، سنحصل على نظام إشتراكي وديموقراطية للطبقة العاملة، وبدلاً من عالم من الرؤساء، سنصبح عالم من العمال تدافع عنه جيش من العمال.
فقط هذا الإضراب الثوري العام سينهي الإستغلال الرأسمالي وإرث القهر العنصري. نستطيع أن نستعمل ثروة البلد في بناء المدارس والعيادات والمنازل وكل شئ نحتاجه. نحن من صنعنا الثروة، دعونا نستردها!
هذا هو برنامج النقابية الصناعية الثورية (اللاسلطوية النقابية).

بناء الغد بداية من اليوم:

تلخيصًا لما سبق، نحن نؤمن أن علينا:
·        بناء ديموقراطية عمالية مسيطرة على الإتحادات.
·        ضم الإتحادات إلى النقابية الصناعية الثورية.
·        توحيد كل الإتحادات العمالية في إتحاد واحد ضخم.

وعلى المدى القصير، هذا ما يجب أن نناضل من أجله:
·        إستقلال كل الإتحادات من تحالفاتها مع الأحزاب السياسية.
·        النضال ضد كل القوانين التي تقيد حق الإضراب أو تتدخل في الشؤون الداخلية للإتحادات.
·        معارضة كل محاولات ضرب الإتحاد من قبل أرباب العمل.
·        الحد الأدنى للأجور.
·        خلق وظائف جيدة الأجر ونافعة إجتماعيًا.
·        معارضة كل صفقة إنتاجية تؤدي إلى فقدان الوظائف.
·        تنظيم العاطلين.
·        النضال ضد التمييز العنصري في مقر العمل.
·        منح حقوق متساوية للمرأة في الإتحادات وأماكن العمل.
·        منح أجر عمل ستة أشهر للأم بدون فقدان للوظيفة.
·        يجب أن تعلن الإضرابات رسمية تلقائيًا من قبل الإتحادات شرط أن لا تتعارض مع مبادئ الإتحاد العمالي.
·        دمج كل الإتحادات بحيث أن تكوّن نقابة لكل صناعة، ثم إتحاد عام يضم كل النقابات العمالية فيه.
·        الإنسحاب من كل الإتحادات التي تضع برنامج "مشاركة العمال" و"صنع قرار مشترك"، لأنها مجرد مكائد من رجال الأعمال.

الأحد، 2 سبتمبر 2012

اللاسلطوية : ماهي، وماليس منها ~ شاز بوفيه ترجمة : حسين الحاج


اللاسلطوية: ما هي، وما ليس منها
شاز بوفيه
ترجمة : حسين الحاج

النص الأصلي


هناك مفاهيم رائجة مغلوطة حول اللاسلطوية، بسببها يرفض العديد من الناس اللاسلطوية واللاسلطويين جملةً وتفصيلاً.

تكثر هذه المفاهيم في وسائل الإعلام حيث يستخدم مصطلح "الأناركية" Anarchy عامةً كمرادف للـفوضى، وحيثما يشار إلى اللاسلطويين كإرهابيين بغض النظر عن اعتقاداتهم السياسية وانتماءاتهم. وكذلك عندما تذكر اللاسلطوية، فإنها دائمًا ما تقدم على أنها مجرد نموذج أحمق لتمرد الشباب،  بالطبع، هذه المفاهيم الخاطئة أيضًا تنتشر على نطاق واسع بين عموم الجماهير، مما يسمح لوسائل الإعلام عامة أن تمرر ما يحلو من أفكارها.

الأسوأ من ذلك، أن بعض من يطلقون على أنفسهم "لاسلطويين" لا يعرفون معنى هذا المصطلح، وهؤلاء يندرجون تحت فئتين بشكلٍ عام. الفئة الأولى، والتي أشار إليها اللاسلطوي الإيطالي الكبير لويجي فابري منذ ما يقرب من قرن في مؤلفه "التأثيرات البرجوازية على اللاسلطوية"، تتألف من أولئك الذين ينجذبون إلى الأكاذيب الإعلامية. هؤلاء ببساطة يبحثون عن تسمية لامعة لسلوكهم الأناني والمعادي للمجتمع، الخبر السار في هذا الأمر أن أغلبهم ينضج في النهاية ويتخلى عما يعتبرونه "لاسلطوية"، لكن الخبر السئ أنه حيثما يظهرون فإنهم يميلون إلى إعطاء اللاسلطوية سمعة سيئة للغاية، ومثلما وصفهم لويجي فابري
"هؤلاء الأشخاص لا يتمردون بسبب اللامعقولية، بل على النقيض، لأنهم مرتبطون بها. إنهم منجذبون إلى المهمات والأفكار تحديدًا لكونهم غير عقلانيين. وهكذا تصبح اللاسلطوية معروفة بأنها صفة غير منطقية ومضحكة بفعل ما ينسبه الجهل والافتراءات البرجوازية إلى التيارات اللاسلطوية.
[1]"

الفئة الأخرى تتكون من أولئك الذين يساوون بين اللاسلطوية وبعض الأيديولوجيات الأليفة التي لا تتعلق باللاسلطوية من الأساس. في العصر الحديث، كانت البدائية والأنانية اللا أخلاقية أبرز هذه المعتقدات المساء تعريفها. مرة أخرى، فإن خلط مثل هذه المعتقدات باللاسلطوية ينزع إلى إعطاءها سمعة سيئة بسبب لا معقولية الاعتقاد بالبدائية من ناحية، والطبيعة المعادية للمجتمع الظاهرة في الأنانية اللا أخلاقية من ناحية أخرى.
كي نحدد ذلك بطريقة أخرى، الخلط بين اللاسلطوية والفوضى والتمرد الطائش والأفكار اللاعقلانية مثل البدائية والسلوكيات المعادية للمجتمع مثل الأنانية اللا أخلاقية، له ثلاثة آثار أساسية مرفوضة:
1.     تتيح للناس رفض اللاسلطوية واللاسلطويين بسهولة.
2.   تجعل من عملية شرح اللاسلطوية لهم أكثر صعوبة، لأنهم يعتقدون أنهم يعرفون ماهيتها وبالتالي يرفضونها.
3.   تجذب عددًا ممن أطلق عليهم فابري "أشخاص تافهون وعابثون"، وأحيانًا أشخاص سيكوباتيين بالكامل، الذين تفضي أفعالهم وكلماتهم إلى تشويه سمعة اللاسلطوية أكثر.

من أجل ذلك، إذا ذهبنا إلى أي مكان، فعلينا أن نوضح ما هي اللاسلطوية وما ليس منها. أولاً، هيّا نعالج المفاهيم المغلوطة.

ما ليس من اللاسلطوية:

اللاسلطوية ليست إرهابًا: الأغلبية الساحقة من اللاسلطويين دائمًا ما يرفضون الإرهاب، لأنهم أذكياء بما يكفي حتى يدركوا أن هذا يعني نهايتهم، وأن الإرهاب بطبيعته عمل زعامي، وأنه حتى عندما تكون ناجحًا، فإنه في الغالب ما يؤدي إلى نتائج سيئة. ولقد صاغ المؤلفون المجهولون لكتاب "أنتَ لا تستطيع نسف علاقة إجتماعية: قضية اللاسلطوية مقابل الإرهاب" المسألة كالتالي:

"إنك لا تستطيع أن تنسف علاقة إجتماعية. الانهيار الكامل لهذا المجتمع لن يقدم أية ضمانات عما سوف يحل محله. إلا إذا كانت غالبية الناس لديهم أفكارًا وتنظيمًا كافيًا لخلق مجتمع بديل، سنرى العالم القديم يعيد تثبيت نفسه، لأن هذا ما اعتاد الناس عليه، وما آمنوا به، وما بقى دون منازع في شخصياتهم.
يجب معارضة دعاة الإرهاب وحرب العصابات لأن أعمالهم قيادية سلطوية، لأن أفكارهم، بقدر ما هي مهمة، خاطئة أو غير مرتبطة بنتائج أفعالهم -خصوصًا عندما يطلقون على أنفسهم تحرريين ولاسلطويين-، ولأنه لا يمكن تبرير مذابحهم، وأخيرًا لأن أفعالهم أما تنتج قمع دون مقابل أو نظامًا سلطويًا.
[2]"

افتراءات الحكومات والشركات الممتدة لعقود لا يمكن أن تغير هذه الحقيقة، أن الأغلبية الساحقة من اللاسلطويين يرفضون الإرهاب لأسباب عملية وأخلاقية. في أواخر التسعينيات، أطلقت مجلة "تايم" على تيد كاتشينسكي لقب "ملك اللاسلطويين"، لكن هذا لا يجعله كذلك. ألقاب "تايم" ليست سوى محاولة تقليدية، وربما مضللة عمدًا، لتلطيخ اللاسلطويين بفرشاة الإرهاب.

لكن هذا لا يعني أن المقاومة المسلحة غير صالحة. من الواضح أن هناك مواقف تكررت كثيرًا في قرون عديدة، يملك فيها الفرد خيارات قليلة، كما هو الحال عندما يواجه ديكاتورية تقمع الحريات المدنية وتمنع الفرد من العمل علانيةً. وحتى في مثل ذلك، ينبغي أن تقوم المقاومة المسلحة على مضض وكملجأ أخير، لأن العنف غير مرغوب فيه بالفطرة بسبب المعاناة الناتجة من دوافعه، ولأنها توفر للأنظمة القمعية مبررات لقمع أكبر، ولأنها توفر لهم فرصة لإرتكاب أعمال وحشية ضد المدنيين ثم تلقي باللوم على معارضيها الإرهابيين، ولأن فرص نجاحها ضئيلة للغاية كما أوضح لنا التاريخ.

وعلى الرغم من أن المقاومة المسلحة أحيانًا تطلب في الأوضاع القمعية، فإن الرضوخ لرومانسية البندقية والمشاركة في حرب عصابات في المناطق الحضرية في المجتمعات المنفتحة نسبيًا التي تؤمّن الحريات المدنية إلى حدٍ كبير ولا يوجد فيها دعم شعبي واسع لبدء عملية عنيفة مسألة مختلفة تمامًا. العنف في هذه المواقف يساعد قليلاً لكنه يدفع الجماهير إلى أحضان الحكومة الأمنية، والحوار السياسي الضيق الذي يميل إلى استقطاب الناس بين مؤيد ومعارض لحرب العصابات يحوّل السياسة إلى لعبة رياضية يشاهدها الأغلبية الواسعة من الناس[3]، ويسوّغ للحكومة مبررات لقمع الحريات المدنية، وتحث على ظهور أنظمة قمعية أفضل تقدر على التعامل مع مشكلة "الإرهابي" بصورة أكثر تسامحًا من سابقيهم. ومن الجدير أيضًا بالذكر أن احتمالات نجاح مثل هذا العمليات القيادية العنيفة ضئيلة للغاية، إنها طريقة سقيمة ومتعجرفة تؤدي إلى الدمار[4].

اللاسلطوية ليست مذهبًا للعودة للبدائية: في العقود الأخيرة، ساوت جماعات صوفية شبه دينية بين اللاسلطوية ومذهب العودة للبدائية الذي يؤيدون أفكاره مثل رفض العلم والعقلانية والتكنولوجيا.[5] لكن في الواقع لا يوجد أي ارتباط بين الإثنين، فكما سنرى فإننا في الحقيقة نعتبر اللاسلطوية مجموعة من المبادئ الفلسفية الأخلاقية والقواعد المنظمة التي أعدت من أجل تعظيم الحرية الإنسانية. في الوقت الحالي، يكفي أن نقول أن دعوة التخلص من التكنولوجيا التي تروجها الجماعات البدائية تتضمن حتمًا وفاة ملايين البشر في هذا العالم ممن يعتمدون إعتمادًا كليًا على التقنيات المتشابكة في كل شئ، من صناعة وتوصيل الطعام إلى الإتصال والعلاج الطبي. إن نتيجة التخلص من التكنولوجيا المرغوبة بشدة يمكن أن تتحقق فقط بإستخدام وسائل الإكراه والعنف على نطاق واسع، المضادة لمبادئ اللاسلطوية بشكل مطلق، كما أنه من غير المعقول أن يتخلى أغلب البشر طوعًا عن مثل هذه الأشياء، مثل شبكات المياه والصرف الصحي، والطب الحديث، والأضواء الكهربائية، والمنازل الدافئة في الشتاء[6].

اللاسلطوية ليست فوضوية، ولا ترفض التنظيم: وهذه أكذوبة شهيرة يكررها الإعلام وخصوم اللاسلطوية السياسيين، خصوصًا الماركسيين، تكرارًا مملاً. لكن نظرة وجيزة إلى أعمال رواد المنظرين في اللاسلطوية تؤكد خطأ هذا الإعتقاد. لن يجد أحد رفضًا للتنظيم في كل كتابات برودون، وباكونين، كروبوتكين، روكر، وارد، بوكتشين.. إلخ، وإنما اهتمامًا خاصًا حولها، حول كيف ينبغي تنظيم المجتمع وفقًا للمبادئ اللاسلطوية في الحرية الفردية والعدالة الإجتماعية. لقرن ونصف الآن، يجادل اللاسلطويون في أن ذاك التنظيم الهرمي القهري، كما هو مجسد في الشركات والحكومات، لا يعادل المنظمة التي يعتبرونها ضرورية، وأن هذا التنظيم القمعي يجب أن يستبدل بتنظيم قاعدي لا مركزي قائم على التعاون التطوعي والمساعدة المتبادلة، ذلك بالكاد يعتبر رفضًا للتنظيم.

اللاسلطوية ليست أنانية لا أخلاقية: كما يحدث في أي حركة إجتماعية طليعية، تجذب اللاسلطوية غريبي الأطوار، الطفيليين، والسيكوباتيين كليًا، والأشخاص الذين يبحثون عن تعريف لامع يغطون به أنانيتهم المرضية وتجاهلهم لحقوق وكرامة الآخرين ورغبتهم البائسة في أن يصبحوا مركزًا للكون. هؤلاء الأفراد يميلون لإعطاء اللاسلطوية سمعة سيئة، لأنه رغم ما لديهم من قواسم مشتركة مع اللاسلطويين الحقيقيين الذين يهتمون بالتصرف الأخلاقي والعدالة الإجتماعية وحقوقهم والآخرين، لكنهم استعراضيون في أغلب الأحيان، وأعمالهم المشينة تقع أحيانًا تحت أعين الجمهور. ومما يزيد الأمر سوءًا، فإن هؤلاء الإستعراضيين ينشرون آراءهم المغرورة ثم تعرف خطأً عن عمد أنها آراء "لاسلطوية". ومثال على ذلك، فإن ناشر مجلة "اللاسلطوي" الأمريكية الزائفة نشر مؤخرًا كتابًا ألفه شخص متبجح يهجم فيه اللاسلطويين الحقيقيين، عالمًا كل العلم أن ذلك المؤلف اللاسلطوي مخبر سئ السمعة لشرطة مكافحة المخدرات له عدد من المواقف أبلغ فيها عن خصومه في المؤسسات الحكومية. تصرفات هذا المخبر الذي يحاول إخفاءها متسقة تمامًا مع أنانيته اللا-أخلاقية، لكنها ليست لها أدنى علاقة باللاسلطوية الحقيقية. هؤلاء الأنانيون عديمي الأخلاق يسيئون استخدام التسمية، إنهم ليسوا لاسلطويين مثلما لم تكن جمهورية ألمانيا الديموقراطية السابقة "ألمانيا الشرقية" جمهورية أو ديموقراطية.
السخف الشديد في الخلط بين اللاسلطوية والأنانية اللا-أخلاقية، تحديدًا فكرة "سأفعل ما يعجبني واللعنة على الآخرين"- سيصبح واضحًا في فترة قصيرة عندما ندرس ماهية اللاسلطوية الحقيقية.

اللاسلطوية ليست هي الليبرتارية: حتى وقت قريب نسبيًا، كان مصطلح "تحرري" يستخدم عالميًا كمرادف لللاسلطوية. في الواقع أنه كان يستخدم حصريًا لهذا المعنى حتى سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة عندما صادرها ما يسمى خطأً بالحزب الليبرتاري.
هذا الحزب ليس له أي علاقة بمفاهيم اللاسلطوية حول الحرية، خصوصًا مفهومي الحرية العادلة والحرية الإيجابية التي تدخل إلى الموارد الضرورية إلى حرية الممارسة والفعل. (وتناقش الحرية العادلة والحرية الإيجابية في الجزء التالي من هذا الكتيب). لكن بدلاً من ذلك، يهتم الحزب الليبرتاري بالحريات السلبية فقط، متظاهرًا أن الحرية توجد فقد بالمعنى السلبي، بينما ترتع في نفس الوقت في إنكارها للحرية الإيجابية المساوية للأغلبية العظمى حول العالم.
هؤلاء الليبرتاريون لا يمجدون الرأسمالية فقط، الآلة التي تنكر كلا من الحرية العادلة والإيجابية لأغلب الناس، بل يرغبون في الحفاظ على أجهزة الدولة القمعية بينما يقضون على وظائف الرعاية الإجتماعية ومن ثم اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وإعلاء حرية الأغنياء بتهميش الفقراء عن طريق وضع أحذية الدولة فوق رقابهم بقوة. وهكذا تم اختطاف مصطلح "التحررية" من قبل الأنانيين الذين هم في الواقع أعداء الحرية بما تعنيه الكلمة، والذين يشتركون مع اللاسلطوية في جوانب قليلة جدًا.

كل ذلك ليس من اللاسلطوية.

ماهي اللاسلطوية:

بالمعنى الضيق، اللاسلطوية ببساطة هي رفض الدولة ورفض الحكومة القمعية، تحت هذا التعريف الضيق بشدة، يمكن أن تظهر سخافات مثل "اللاسلطوية الرأسمالية" أو اللاسلطوية الدينية[7].

ولكن أغلب اللاسلطويين يستخدمون مصطلح اللاسلطوية بصورة أوسع كثيرًا، فيعرفونها كرفض لكل أشكال القهر والسيطرة. وهكذا، لا يرفض أغلب اللاسلطويين الحكومة القمعية فقط، بل أيضًا يرفضون الأديان والرأسمالية، والذين يعتبرونهم أشكال أخرى من توأم القمع والهيمنة الشريرين. إنهم يرفضون الدين لأنهم يرون فيها النموذج المثالي للهيمنة والذي يقضي فيه إله كلّي القدرة على من أطاعه ومن لم يطعه حسب جماعته. وهم يرفضون الرأسمالية كذلك لأنها مصممة لإنتاج أغنياء وفقراء ولأنها مصممة لإنتاج نظام من الهيمنة يعطي فيه بعض الناس الأوامر ولا يملك الآخرين سوى طاعتهم. ولأسباب مماثلة يرفض أغلب اللاسلطويين على مستوى شخصي التمييز على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الميل الجنسي الذي يتسبب في ظهور تفاوت مصطنع وبالتالي ظهور الهيمنة.

ولعرض ذلك بطريقة أخرى، يؤمن اللاسلطويون بكل الحريات السلبية منها والإيجابية. في هذا البلد، تقدم الحرية عادةً بالمعنى السلبي فقط في أن تصبح حرًا من التقييد. ومن هنا يساوي أغلب الناس بين الحرية بأشياء من قبيل حرية التعبير وحرية الإجتماع وحرية العقيدة، ولكن هناك أيضًا جانبًا إيجابيًا من الحرية الذي يصر عليه اللاسلطويون وحدهم تقريبًا[8].

هذا الجانب الإيجابي من الحرية هو ما أطلقت عليه إيما جولدمان "حرية الفعل والممارسة"، وهذه الحرية  تعتمد بشدة على النفاذ إلى موارد العالم كي نتمتع بها أو نستخدمها. وبسبب هذا يصبح الأغنياء هم الأكثر حرية وفقًا لهذا المعنى من بقيتنا. كمثال على ذلك في مجال حرية التعبير، يمكن لدونالد ترامب أن يشتري عددًا من الجرائد والمحطات تلفزيونية كي تروج لآرائه وتؤثر على الرأي العام، لكن كم من العمال يستطيعون القيام بنفس الشئ؟ كم عامل يستطيع تحمل تكاليف شراء جريدة يومية واحدة أو محطة تلفزيونية واحدة؟ الإجابة واضحة. العمال لا يستطيعون القيام بذلك، ولكن بدلاً من ذلك، لقد خفضنا إنتاجنا إلى مجلات يقرأها بضع مئات الأشخاص أو نشر صفحات على الإنترنت في أوقات فراغنا القليلة نسبيًا.

تذخر الحياة اليومية بأمثلة على الحرية العظمى للأغنياء، ونضعها في عبارات عامة، لأنهم ليسوا بحاجة إلى العمل. فالغني ليس يملك الكثير من الأموال فقط، والتي هي مفتاح الحصول على الموارد، ولكن لديه الوقت للسعي وراء اهتماماته ولذاته ورغباته أكثر من بقيتنا. نستشهد بمثال ملموس مثل أن الأغنياء يستطيعون إرسال أبناءهم إلى أفضل الكليات التي توظف أفضل المعلمين، والتي لا يستطيع بقيتنا أن يتحمل تكاليفها، وحتى إذا استطعنا تحمل تكاليفها، فسنعمل كعمال مأجورين في الكليات الأهلية والحكومية "مساعد أستاذ" وطلاب دراسات عليا يعملون فوق طاقاتهم ولا يتقاضون مصروفات كافية. أبناء الأغنياء أحرار تمامًا لمتابعة دراساتهم في الكلية، بينما يجب على باقي الطلاب العمل بدوام جزئي كي يعولوا أنفسهم مما يحرمهم من ساعات يستطيعون تخصيصها للدراسة. إذا فكرت فيها، ستجد بسهولة أمثلة إضافية على حرية الأغنياء العظمى في نطاق الرعاية الصحية والسكن والتعذية والسفر... إلخ. في كل نطاقات الحياة تقريبًا.

الحرية العظمى للأغنياء تأتي على حساب الآخرين من خلال خفض حريتهم في الفعل. ولا يوجد وسيلة للتغلب على ذلك نظرًا إلى أن حرية الفعل محددة إلى حد كبير بالحصول على موارد محدودة. أناتول فرانس فسر الإختلافات بين القيود المفروضة على الأغنياء والفقراء جيدًا عندما كتب قائلاً، "إن القانون بمساواته العظيمة يمنع الغني كما يمنع الفقير من النوم تحت الجسور والتسول في الشوارع وسرقة الخبز!".

ولأن الهدف الرئيسي للاسلطوية هي إتاحة أكبر قدر ممكن من الحرية للجميع، يصر اللاسلطويون على الحرية العادلة بجانبيها السلبي والإيجابي، والتي تعني بمعناها السلبي أن الأشخاص أحرار في أن يفعلوا ما يريدون ما لم يضروا أو يتقحموا الآخرين مباشرة، وبمعناها الإيجابي أن كل الأشخاص أحرار متساوين في الفعل والممارسة وأنهم يملكون فرص متساوية في الحصول على موارد العالم.

يعترف اللاسلطويون أن الحرية المطلقة مستحيلة، لأن الأنانية اللا-أخلاقية التي تتجاهل حقوق الآخرين ستتحول سريعًا إلى حرب الجميع ضد الجميع. ما نزعمه أن كل إنسان يملك حريته العادلة من القيد (محددة بإحترام حقوق الآخرين فقط) وأن كل إنسان يملك تقريبًا فرصًا متساوية في الحصول على الموارد، وبالتالي يضمن مساواة أو شبه مساواة في حرية الفعل والممارسة. هذه هي اللاسلطوية بمعناها النظري.

كانت هناك محاولات جادة في أسبانيا وكوبا وقلة من بلاد أخرى لجعل هذه النظرية واقعًا من خلال حركة تعرف باسم اللاسلطوية النقابية (السنديكالية)، والهدف الرئيسي للاسلطوية النقابية هو استبدال الحكومة القمعية بالتعاون الطوعي بين نقابات يتحكم فيها عمالها تنسق إدارة الإقتصاد بأكمله. وهذا ليس من شأنه ليس فك القيد الحكومي على الحرية السلبية فقط، وإنما ستصبح قفزة هائلة نحو الوصول إلى الحرية الإيجابية، كانت الثورة الأسبانية (1936 - 1939) هي أقرب ما تحقق من هذه الرؤية، عندما أصبحت مناطق واسعة من أسبانيا، خصوصًا مناطق الصناعات الثقيلة، تحت سيطرة "اتحاد العمل الوطني" CNT النقابي اللاسلطوي. ويصف جورج أورويل هذا الإنجاز في "الحنين إلى كاتالونيا" قائلاً :

"كان للاسلطويين السيطرة الفعلية على كاتالونيا وكانت الثورة في أوجها.. وكان منظر برشلونة مذهلًا ومثير للإعجاب، كانت تلك المرة الأولى التي أصبح فيها بمدينة تسيطر عليها الطبقة العاملة، وكان العمال يستولون على كل البنايات من جميع الأحجام ويكسوها بالأعلام الحمراء أو الأعلام اللاسلطوية السوداء / الحمراء..  جميع المحلات والمقاهى وضعت نقوشًا أنها أصبحت أملاكًا جماعية، حتى ماسحو الأحذية أصبحوا جماعيين ودهنوا صناديقهم بالأسود والأحمر، النادلون وصبية الدكاكين ينظرون إلى وجهك ويتعاملون معك على قدم المساواة، حتى أساليب الحديث الرسمية والمستكينة قد اختفت... كانت المصلقات الثورية في كل مكان، تتوهج على الجدران بحمرة وزرقة واضحة جعلت من الإعلانات القليلة المتبقية مثل لطخات من الطين... كان ذلك كله غريب ومثير للشعور. هناك أشياء لم أستطع فهمها. وفي بعض الأحيان لم تعجبني. لكنني أعترف على فور أنها حالة تستحق النضال من أجلها."

هذه هي اللاسلطوية، وكان أورويل محقًا، هي تستحق النضال من أجلها.[9]


[1]Bourgeois Influences on Anarchism, by Luigi Fabbri. Tucson, AZ: See Sharp Press, 2001, p. 16.
[2] You Can't Blow Up a Social Relationship. Tucson, AZ: See Sharp Press, 1998, p. 20.
[3]قد يكون ذلك الآن بسبب اللامبالاة، ولكن في المواقف العنيفة / القمعية تستبعد البدائل الأخرى للكل من لم يشارك مباشرة في المقاومة المسلحة.
[4] للمزيد من المناقشة حول هذه المسألة، انظر "you Can't Blow Up a Social Relationship: The Anarchist Case Against Terrorism,"Bourgeois Influences on Anarchism".
[5] كان تيد كاتشينسكي يبدو في بعض جوانبه رومانسيًا نموذجيًا، اختلف عن معظمهم في أنه تصرف طبقًا لمعتقداته، وإن كان بأسلوب عنيف وجبان، وأنه عاش في الواقع حياة بدائية نسبيًا في منطقة نائية في مونتانا، خلافًا لمعظم إخوانه في الدين الذين يعيشون حياة مريحة في المناطق الحضرية ويوظفون .التكنولوجيا التي يبشرون بكراهيتها
[6] للمزيد من المناقشة حول هذه المسألة، انظر Anarchism vs. Primitivism, by Brian Oliver Sheppard. Tucson, AZ: See Sharp Press, 2003، وأيضًا "Primitive Thought" appendix to Listen Anarchist!, by Chaz Bufe. Tucson, AZ: See Sharp Press, 1998..
[7] بالفعل، كان هناك عددًا كبيرًا من اللاسلطويين المتدينين القديرين، شخصيات مثل تولستوي ودوروثي داي وأعضاء جماعاتها العمالية الكاثوليكية مثل أمون هناسي، رغم أن هناك تناقض غير محتمل بالنسبة لمعظم اللاسلطويين في الدعوة إلى الحرية على الأرض بينما يخضعون لطاغية سماوي بغض النظر عن مدى وهمية الإعتقاد فيه.
ليست هناك نماذج ساطعة من اللاسلطويين الرأسماليين على حد علمي
.
[8] كي أكون منصفًا، يميل الماركسيين إلى التأكيد على الحرية الإيجابية، ولكن أغلبهم قساة القلب بغرابة، وغالبًا ما يكونوا عدائيين صراحة للحرية السلبية، الحرية من القيود، خصوصًا عندما يمتلكون السلاح ويستمرون في القيام بالقمع.
[9] بالتأكيد، هذا نقاش منظم حول اللاسلطوية، حيث أن غاية الكتيب تقديم تمهيد لها يقرأ في عشر دقائق، من أجل تفصيل أكثر حول هذه الموضوعات، انظر Anarchism and Anarcho-syndicalism, by Rudolf Rocker; What Is Communist Anarchism?, by Alexander Berkman، Fields, Factories and Workshops, by Peter Kropotkin; and Anarchy in Action, by Colin Ward.