الأحد، 25 ديسمبر 2011

اللاسلطوية في صورة سؤال وجواب - بوب بلاك ترجمة مينا ناجي




اللاسلطوية 101

 بوب بلاك *

ترجمة : مينا ناجي


الأصل بالانجليزية Bob Black Anarchy 101





* ما هى اللاسلطوية ؟ و من هم اللاسلطويون ؟


اللاسلطوية هى فكرة عن الطريقة المثلى للعيش . اللاسلطوية هى أسلوب حياة .

اللاسلطوية هى فكرة أن الحكومة ( الدولة ) غير ضرورية و ضارة ، و المجتمع اللاسلطوى هو مجتمع بغير حكومة . اللاسلطويون هم من  يؤمنون بتلك الفكرة و يرغبون فى العيش فى غير سلطوية ، مثلما فعل أسلافنا جميعا يوما .

هؤلاء المؤمنون بالحكومة - مثل الليبراليين ، المحافظين ، الاشتراكيين و الفاشيين - يعرفوا بكونهم دولانيين .

يمكن أن تبدو اللاسلطوية على هذا النحو سلبية بشكل بحت ، انها فقط " ضد " شئ ما . لدى اللاسلطويين ، فى الحقيقة ، العديد من الأفكار  الايجابية بخصوص العيش فى مجتمع بغير دولة ، و لكن على العكس من الماركسيين ، الليبراليين و المحافظين ، لا يقدمون مخططا تفصيليا  للعمل .


* هل كان هناك يوما مجتمعا لاسلطويا ناجحا ؟


نعم ، العديد من الآلاف . اذ أن جميع البشر عاشوا ، فى أول مليون من سنواتهم أو أكثر ، فى جماعات صيد و التقاط صغيرة العدد متساوية  فى الحقوق ، بغير تراتبية أو سلطة . هؤلاء هم أسلافنا . لابد أن المجتمعات اللاسلطوية كانت ناجحة ، لأن بغير ذلك أحدا منا لم يكن ليوجد  الآن . عمر الدولة مجرد آلاف قليلة من السنوات . و الأمر استغرق كل هذا الوقت حتى يتم قمع المجتمعات اللاسلطوية الأخيرة مثل  مجتمعات قبائل البوشمن * ، البيجمى ، و سكان استراليا الأصليين .


* و لكن لا يمكننا أن نعود لمثل تلك الطريقة فى الحياة ؟


تقريبا كل اللاسلطويين يوافقون على هذا . و لكن تظل دراسة تلك المجتمعات أمرا ملهما ، و أحيانا لالتقاط بعض الأفكار عن كيفية عمل  مجتمع طوعى تماما ، فردانى للغاية ، و مع ذلك تعاونى . لنأخذ مثالا واحدا : رجال القبائل لديهم فى الأغلب طرق شديدة الفعالية لحل  النزاعات من ضمنها الوساطة و التحكيم غير الملزم . تعمل طرقهم تلك بشكل أفضل من نظامنا القانونى ، لأن عائلة ، أصدقاء و جيران  المتنازعين تشجعهم على التوافق على حل معقول للمشكلة ، مستعينة بالمتعاطفين الجديرى بالثقة من جانب الطرفين . حاول خبراء أكاديميين  ، فى السبعينات و الثمانينات ، زرع بعض من تلك الأساليب فى النظام القانونى الأمريكى ، لكن بطبيعة الحال ذبل الزرع و مات ، لأنه يحيا  فقط فى مجتمع حر .   


* اللاسلطويين سذج . انهم يظنون الطبيعة البشرية طيبة فى جوهرها ..


ليس الأمر على هذا النحو . صحيح أن اللاسلطويين يرفضون الأفكار المتعلقة بالفساد الفطرى أو الخطية الأصلية - هى أفكار دينية لم يعد  يؤمن بها معظم الناس . و لكنهم لا يؤمنون عادة أن الطبيعة البشرية طيبة فى جوهرها أيضا . انهم يأخذون الناس كما هم . أن البشر ليسوا  أى شئ بشكل جوهرى . نحن من نعيش فى ظل الرأسمالية و حليفتها ، الدولة ، فقط أناس لم تملك أبدا فرصة أن تكون كل شئ يمكن أن  تكونه .

على الرغم من أن اللاسلطويين غالبا ما يوجهون نداءات أخلاقية نحو الأفضل عند الناس - تماما مثل دعوتهم للمصلحة الذاتية المستنيرة -  فاللاسلطوية ليست عقيدة للتضحية بالنفس ، هذا مع أنهم لطالما حاربوا و ماتوا من أجل ما يؤمنون به . يؤمن اللاسلطويون أن تنفيذ فكرتهم  الأساسية سوف يعنى حياة أفضل تقريبا للجميع .   


* كيف يمكنك الوثوق فى أن الناس لن تفترس بعضها البعض بغير دولة تكافح الجريمة ؟


ان لم يكن باستطاعتك الوثوق فى عدم افتراس البشر العاديون لبعضهم ، كيف يمكنك الوثوق فى أن الدولة لا تفترسنا جميعا ؟ هل الناس الذين يحصلون على السلطة لا أنانيون ، مكرسون ، و أسمى منزلة من الناس الذين يحكمونهم الى هذا الحد ؟ . الحق انه كلما زاد ارتيابك فى  جيرانك ، كلما زادت أسبابك لأن تصبح لاسلطويا ! . فى ظل اللاسلطة ، تُختزل القوة و تنتشر فى جميع الأنحاء . الجميع يملك البعض ، و  لكن أحدا لا يملك أكثر من اللازم . فى ظل الدولة ، تتركز السلطة و معظم الناس لا يملكون شيئا منها فى الحقيقة . أى نوع من القوة تحب أن تقف ضدها ؟ .


* و لكن - لنتحدث بواقعية - ماذا سيحدث ان لم تكن هناك شرطة ؟


مثلما يلاحظ اللاسلطوى آلن ثورنتون : " الشرطة لا تقوم بأعمال الحماية و انما الانتقام " . فلتنس باتمان يقود فى الأرجاء ليوقف الجرائم  الدائرة . لا تمنع دوريات الشرطة الجريمة ، و لا تلقى القبض على المجرمين . عندما تم ايقاف دوريات الشرطة سريا و انتقائيا فى أحياء  مدينة كنساس ، بقت معدلات الجريمة على حالها . دراسة أخرى تجد بالمثل أن عمل المباحث و مختبرات الجريمة لا تأثير له على معدل  الجريمة . و لكن عندما يجتمع الجيران على حماية بعضهم البعض و صرف ما من شأنهم أن يكونوا مجرمين ، سيجرب الأخيرين حى آخر  تحميه فقط الشرطة . يعرف المجرمون أنهم يتعرضون لخطر أقل هناك .     


* و لكن الدولة الحديثة مرتبطة بعمق فى تنظيم الحياة اليومية . تقريبا كل نشاط لديه نوع من الارتباط مع الدولة ؟


هذا صحيح ، و لكن عندما تفكر فى الأمر ، ستجد أن الحياة اليومية - تقريبا بأكملها - لاسلطوية . اذ نادرا ما يقابل المرء رجل شرطة الا  عندما يدون له تذكرة مرور لتجاوز السرعة . تسود الترتيبات الطوعية و التفاهمات فى كل مكان تقريبا . مثلما كتب اللاسلطوى رودلف  روكر : " الحقيقة أنه حتى فى ظل أسوأ أنواع الاستبداد ، تنتظم معظم علاقات الانسان الشخصية مع زملائه من خلال توافق حر  و تعاون  تضامنى ، الأمر الذى بدونه ستكون الحياة الاجتماعية غير ممكنة على الاطلاق " .

الحياة العائلية ، البيع و الشراء ، الصداقة ، العبادة ، الجنس ، وقت الفراغ .. جميعها أمور لاسلطوية . حتى فى مكان العمل - الذى يعتبره  العديد من اللاسلطويين قهريا تماما مثل الدولة - يتعاون المرؤوسين ، بشكل مستقل عن رئيسهم ، فى سبيل الحد من العمل و انجازه .

يتحدث البعض أن اللاسلطوية لا تصلح . و لكنها ، تقريبا ، الأمر الوحيد الذى يفعل ! . تتكئ الدولة - بشكل غير مستقر - على أساس من  اللاسلطة ، كذلك الأمر بالنسبة للاقتصاد .


* فلنفترض انك على حق ، أن اللاسلطوية طريقة أفضل للحياه من تلك التى نحياها الآن ، كيف يمكننا أن نتخلص من الدولة لو انها قوية و  قامعة مثلما تقول ؟


لطالما فكر اللاسلطويون فى هذا السؤال ، و لا يملكون اجابة واحدة بسيطة . لقد حاربوا الفاشيين على الجبهة فى أسبانيا العام 1936 ،  عندما حاول الجيش القفز على السلطة و حيث كان هناك مليونا من اللاسلطويين ، فى الوقت الذى أيدوا فيه استيلاء العمال على المصانع و تشكيل الفلاحين لتعاونيات على الأرض . و فعلوا الشئ نفسه فى أوكرانيا ما بين 1918 - 1920 ، حيث كان عليهم مجابهة كلا من القيصريين و الشيوعيين . لكن ليس على هذا النحو يمكننا اسقاط النظام فى عالم القرن الحادى و العشرين .

فلتتأمل الثورات التى أطاحت بالشيوعية فى شرق أوربا . كان هناك بعض العنف و الموت ، فى بعض الدول أكثر من غيرها ، و لكن ما  أسقط السياسيين و البيروقراطيين و الجنرالات - نفس الأعداء الذين نواجههم - هو رفض معظم السكان للعمل أو فعل أى شئ آخر من أجل  الحفاظ على استمرارية نظام فاسد . ماذا كان على الحكوميون فى موسكو أو وارسو أن يفعلوه ؟ أن يلقوا بالسلاح النووى على رؤوسهم ؟ أن  يبيدوا العمال الذين يقتاتون من خلالهم ؟    

لقد آمن معظم اللاسلطويين منذ أمد ، أن ما يسمونه الاضراب العام ( الرفض الجمعى للعمل ) يمكنه أن يلعب دورا كبيرا فى انهيار الدولة .


* اذا كنت ضد جميع الحكومات ، اذن أنت بالتأكيد ضد الديمقراطية ؟


ان كانت الديمقراطية تعنى أن يتحكم الناس فى حياتهم ، اذن جميع اللاسلطويين سيكونون - مثلما أسماهم اللاسلطوى الأمريكى بنيامين تاكر - " ديمقراطيين جيفرسونيين ثابتين " . سيكونون وحدهم الديمقراطيين الحقيقيين . و لكن هذه ليست الديمقراطية كما هى فى الواقع .

ينتخب جزء من الناس ، فى الحياة الحقيقية ( فى أمريكا دائما ، تقريبا ، قلة من الناس ) ، حفنة من السياسيين يتحكمون فى حياتنا بتمرير  القوانين و استخدام بيروقراطية و شرطة - غير منتخبة - لتنفيذها ، سواء أرادت الأغلبية ذلك أم لم ترد .

مثلما كتب الفيلسوف الفرنسى روسو مرة - و هو ليس لاسلطويا : " فى الديمقراطية ، يكون الناس احرار فقط فى لحظة تصويتهم . باقى  الوقت هم عبيد الحكومة " .

يقع السياسيون و البيروقراطيين فى مناصبهم تحت تأثير قوى من الشركات التجارية الكبرى و جماعات المصالح الخاصة الأخرى فى أغلب  الأحيان . الجميع يعلم هذا . البعض يستمر فى الصمت لأنه يستفيد من أصحاب السلطة . الكثير يستمر فى الصمت لأنه يعلم أن المعارضة لا  تجدى نفعا ، و ربما يتم تسميتهم متطرفين أو حتى " لاسلطويين / فوضويين ! " ان تحدثوا عن الأمر كما هو . بعض من ديمقراطية !! .


* حسنا ، ان لم تنتخب مسئولين لاتخاذ القرارات ، فمن سوف يفعل ؟ لا تخبرنى أنه بامكان كل شخص أن يفعل ما يروق له بشكل شخصى  دون اعتبار للآخرين ؟


لدى اللاسلطويين العديد من الأفكار بشأن كيفية اتخاذ القرارات فى مجتمع طوعى و تعاونى حقا . يؤمن معظم اللاسلطويين أن مثل هذا  المجتمع يجب أن يرتكز على تجمعات محلية ، صغيرة بما يكفى لأن يعرف الناس بعضهم البعض ، أو يتشاركون على الأقل فى روابط  أسرية أو صداقات ، آراء ، أو اهتمامات .

و لأنه مجتمع محلى ، فالناس يشتركون أيضا فى معرفتهم الشائعة ببيئته . انهم يعرفون أنه سيتعين عليهم العيش مع تبعات قراراتهم ، على  العكس من السياسيين أو البيروقراطيين الذين يقررون لأشخاص آخرين .

يؤمن اللاسلطويين أن اتخاذ القرارات لابد أن يتم دائما على أصغر مستوى ممكن . كل قرار يمكن أن يتخذه الأفراد لأجل أنفسهم - بغير  تداخل مع قرارات أى شخص أخر من أجل نفسه - لابد أن يتم على هذا النحو . كل قرار يُتخذ فى مجموعات صغيرة ( مثل الأسرة ،  التجمعات الدينية ، أو زملاء العمل .. الخ ) هو من جديد لهم ، طالما لا يتداخل مع الآخرين . ستذهب القرارات التى تحمل تأثيرا أكثر اتساعا بشكل ملحوظ ، ان كانت تهم أحدا ، الى مجلس عارض للجماعة قائم على المواجهة المباشرة .

مثل هذا المجلس ، مع ذلك ، ليس هيئة للتشريع . لا أحد منتخب . يمكن لأى شخص أن يحضر . يتحدث الناس باسم أنفسهم . و لكن بينما  يتحدثون بشأن مسائل محددة ، يدركون جيدا أن الفوز بالنسبة لهم ليس - كما كان بالنسبة لمدرب الفوتبول فينس لومباردى - ليس " الشئ  الوحيد " . انهم يبتغون الفوز للجميع ، و يثمنون صحبة جيرانهم . انهم يحاولون ، فى البداية ، التقليل من سوء الفهم و توضيح المسألة . هذا  كاف ، فى الأغلب ، للتوصل لاتفاق . و ان لم يكن ، سيعملون على القبول بحل وسط . كثيرا جدا ما ينجزونه . ان لم يكن ، يستطيع المجلس  ارجاء المسألة - اذا كان أمرا لا يستلزم قرارا فوريا - من أجل أن تتناقش بشأنها الجماعة بأكملها قبل الاجتماع الآخر . ان فشل هذا ،  ستتحرى الجماعة ما اذا كانت هناك طريقة لأن تنفصل الأغلبية مؤقتا عن الأقلية ، كل منفذا لأولوياته .

لدى الأقلية خيارين ، ان استمر الناس فى خلافاتهم التى لا يمكن التوفيق بينها : يمكنها أن تساير الأغلبية هذه المرة ، لأن هارمونية الجماعة  أكثر أهمية من المسألة . و ربما يمكن للأغلبية أن تسترضى الأقلية بقرار بشأن أمر آخر . اذا فشل كل شئ ، و كانت المسألة شديدة الأهمية  بالنسبة للأقلية ، يمكنها أن تنفصل لتكون مجتمعا مستقلا ، تماما مثلما فعلت مختلف الولايات الأمريكية ( كونيتيكت ، رود ايلاند ، فيرمونت  ، كنتاكى ، مين ، يوتاه ، فيرجينيا الغربية .. الخ ) . ان كان انفصالهم ليس حجة ضد الدولانية ، فهو ليس حجة أيضا ضد اللاسلطة .

هذا ليس فشلا للاسلطة ، لأن الجماعة الجديدة ستعيد خلقها . اللاسلطة ليست نظاما كاملا ، انها فقط أفضل من جميع الأنظمة الأخرى .    


* لا يمكننا اشباع جميع احتياجاتنا من خلال مستوى محلى ..


ربما ليس جميعها ، و لكن هناك أدلة من علم الآثار لتجارة لمسافات طويلة - على مدى مئات أو حتى آلاف الأميال - فى أوربا اللاسلطوية  ما قبل التاريخية . أدارت المجتمعات اللاسلطوية البدائية - التى قام بزيارتها الأنثروبولوجيين فى القرن العشرين ، مثل البوشمن و ساكنى  جزر التروبرياند القبليين - تجارة من هذا النوع بين " شركاء تجارة " فرديين .

لا تعتمد اللاسلطة العملية أبدا على اكتفاء ذاتى محلى كامل ، و لكن يلح العديد من اللاسلطويين المحدثين على أن التجمعات و المناطق لابد أن تكون مكتفية بذاتها قدر الامكان ، كيلا تعتمد على دخلاء بعيدين و غير شخصيين من أجل الضروريات .

حتى فى ظل التكنولوجيا الحديثة ، التى صممت خصيصا - فى الأغلب - لتوسيع الأسواق التجارية من خلال تدمير الاكتفاء الذاتى ، حتى فى ظل هذا ، الكثير من الاكتفاء الذاتى المحلى ما زال ممكنا ، أكثر بكثير مما تريد الحكومات و الشركات لنا أن نعرف .


*  أحد تعريفات اللاسلطة هو الفوضى . أليس هذا ما سوف تكونه اللاسلطة : فوضى ؟


بيير- جوزيف برودون ، أول شخص يسمى نفسه لاسلطويا ، كتب يقول : " الحرية هى أم ، و ليست ابنة ، النظام " . النظام اللاسلطوى  أرفع شأنا من نظام الدولة القهرى ، لأنه ليس نظاما من قوانين جبرية ، و لكنه ببساطة كيفية اقرار تجمعات من البشر - تعرف بعضها  البعض - سبل العيش معا . يرتكز ، اذن ، النظام اللاسلطوى على القبول المشترك و المنطق السليم .


* متى تشكلت فلسفة اللاسلطوية ؟


يعتقد بعض اللاسلطويين أن أفكارا لاسلطوية عبر عنها ديوجين الكلبى فى اليونان القديمة ، لاوزى فى الصين القديمة ، و صوفيين من العصر الوسيط و أيضا أثناء القرن السابع عشر ابان الحرب الأهلية الانجليزية . 

لكن اللاسلطوية الحديثة تبدأ مع وليام جودوين و كتابه " العدالة السياسية " المنشور فى انجلترا 1793 . أحياها ، فى فرنسا ، بيير - جوزيف  برودون فى أربعينات القرن التاسع عشر بكتابه " ما هى الملكية ؟ " ملهما حركة لاسلطوية وسط العمال الفرنسيين . عرف ماكس شتيرنر فى " الأنا و ما لها " 1844 معنى الأنا المستنيرة ، التى هى قيمة لاسلطوية أساسية . توصل الأمريكى يوشيا وارن - بشكل مستقل فى نفس  الوقت - لنفس الأفكار ، و أثر فى حركة واسعة النطاق فى ذلك الوقت لتأسيس مجتمعات يوتوبية . تطورت الأفكار اللاسلطوية لمسافة أبعد،  من خلال الروسيان : ميخائيل باكونين ، الثورى العظيم ، و بيتر كروبوتكين ، الدارس شديد الاحترام .    

و يأمل اللاسلطويين أن تستمر أفكارهم فى التطور فى ظل عالم متغير .                        


* هذه الأمور الثورية لها صدى مماثل كثيرا للشيوعية ، و لا أحد يريد ذلك ..


لقد ظل اللاسلطويين و الماركسيين أعداء منذ ستينات القرن التاسع عشر . و على الرغم من أنهم تعاونوا ، فى بعض الأحيان ، ضد أعداء  مشتركين - مثل القيصريين أثناء الثورة الروسية أو الفاشيين الأسبان أثناء الحرب الأهلية الأسبانية - فان الشيوعيين لطالما خانوا اللاسلطويين . من كارل ماركس لجوزيف ستالين ، و الماركسيين يتهمون بعنف اللاسلطويين .

يسمى بعض اللاسلطويين - أتباع كروبوتكين - أنفسهم " شيوعيين " ، و لكنهم يناقضون بشيوعتهم الحرة ، الناشئة من أسفل ( ادارة الموارد  الطوعية للأرض ، المرافق ، و العمل ، من خلال تجمعات محلية يعرف فيها الناس بعضهم البعض ) يناقضون بها الشيوعية المفروضة  بالقوة من خلال الدولة ( تأميم الأراضى و مرافق الانتاج ، انكار كل حكم ذاتى محلى ، و تحويل العمال لموظفين للدولة ) . كيف يمكن  للنظامين أن يكونا أكثر اختلافا ؟

رحب اللاسلطويين ، و فى الحقيقة شاركوا ، فى سقوط الشيوعية الأوربية . و ساعد بعض اللاسلطويين الأجانب المنشقين من الكتلة الشرقية  لسنوات طويلة - الأمر الذى لم تفعله الحكومه الأمريكية . و الآن ، فاللاسلطويين ناشطين فى كل البلاد الشيوعية سابقا .

أضعف التداعى الشيوعى بالطبع الثقة فى كثير من اليسار الأمريكى ، و لكن ليس اللاسلطويين . اذ أن العديد منهم لا يعتبرون أنفسهم  يساريين على أية حال .          

بقى اللاسلطويين فى جميع الأنحاء قبل الماركسية ، و ها نحن مازلنا باقين بعدها .


* ألا يؤيد اللاسلطويين العنف ؟ 


لا يقارب اللاسلطويين فى العنف الديمقراطيين ، الجمهوريين ، الليبراليين و المحافظين . يبدو هؤلاء الناس فقط سلميين ، لأنهم يستخدمون  الدولة فى القيام بأعمالهم القذرة : أن تكون عنيفة لحسابهم . و لكن العنف يظل عنفا . ارتداء زى أو التلويح بعلم لا يغير هذا . الدولة عنيفة  بحسب التعريف . بغير العنف ضد أسلافنا اللاسلطويين - جماعات الصيد و الالتقاط و المزارعين - ما كانت لتوجد دول الآن . بعض  اللاسلطويين يؤيدون العنف ، و لكن كل الدول تخوض فى العنف كل يوم .

بعض اللاسلطويين ، وفق تراث تولستوى ، سلميين من حيث المبدأ . و يعتقد عدد قليل نسبيا منهم فى استمرار الاعتداء ضد الدولة . لكن  يؤمن معظمهم بالدفاع عن النفس و يقبلون بدرجة من العنف أثناء موقف ثورى .

ليست المسألة فى واقع الأمر العنف مقابل اللاعنف و لكنها تتعلق بالفعل المباشر . يؤمن اللاسلطويين أنه لابد للناس - كل الناس - أن تقبض  على أقدارها بأياديها ، فرديا أو جماعيا ، سواء كان القيام بهذا قانونيا أو غير قانونى ، و سواء تضمن عنفا أو كان يمكن تحقيقه بشكل سلمى.

        
* ما هى بالظبط البنية الاجتماعية للمجتمع اللاسلطوى ؟


معظم اللاسلطويين ليسوا " بالظبط " متأكدين . سيكون العالم مكانا مختلفا للغاية بعد ابطال سلطة الحكم .

لا يقدم اللاسلطويين فى العادة مخططا تفصيليا ، و لكنهم يطرحون بعض المبادئ الارشادية . انهم يقولون أن المساعدات التبادلية - التعاون  عوضا عن المنافسة - هى أصح أساس للحياة الاجتماعية . انهم فردانيين من جهة اعتقادهم أن المجتمع يوجد لمنفعة الفرد - و ليس العكس .  و هم يفضلون اللامركزية ، بمعنى أن أسس المجتمع لابد أن تكون تجمعات محلية مباشرة . ثم تتفدرل تلك التجمعات ، فيما يتعلق بالمساعدات  التبادلية ، فقط لتنسق الأنشطة التى لا يمكن أن تقوم بها التجمعات المحلية منفردة .

تقلب اللامركزية اللاسلطوية الهرمية القائمة رأسا على عقب . فى الوقت الحالى ، كلما ارتفع مستوى الحكم ، كلما زادت القوة التى يملكها .  أما فى ظل اللاسلطة ، فالمستويات الأعلى من الاتحادات ليست حاكمة على الاطلاق و لا تملك قوة قهرية ، و كلما ارتفعت كلما قلت  المسئولية المفوضة لهم من أسفل .

مع ذلك ، فاللاسلطويين يدركون خطر أنه ربما تصبح تلك الفيدراليات بيروقراطية و دولانية . نحن يوتوبيين ، و لكن أيضا واقعيين . علينا  أن نراقب تلك الفيدراليات عن كثب . مثلما صاغ الأمر توماس جيفرسون : " اليقظة الأبدية هى ثمن الحرية " .


* أى كلمات أخيرة ؟


ونستون تشرشل - سياسى انجليزى سكير ميت و مجرم حرب - كتب ذات مرة أن " الديمقراطية هى اسوأ نظام للحكم ، باستثناء ما يتعلق  بجميع الأنظمة الأخرى " . اللاسلطوية هى أسوأ نظام للمجتمع ، باستثناء ما يتعلق بجميع الأنظمة الأخرى . كل الحضارات - مجتمعات  الدولة - انهارت و تعاقبت ، حتى الآن ، بواسطة مجتمعات لاسلطوية . مجتمعات الدولة - بطبيعتها - غير مستقرة . ستنهار حضارتنا أيضا  عاجلا أو آجلا . انه ليس قريبا جدا لنبدأ التفكير فيما سوف يحل محلها ، و لكن اللاسلطويين يفكرون فى الأمر لما يزيد عن المائتى عام .

نحن ندعوك لاستكشاف أفكارنا ، و الانضمام لنا فى محاولة جعل العالم مكانا أفضل .


............................................................................................


- هوامش الترجمة :


1 . بوب بلاك  ( ولد فى 1951 ) : لاسلطوى أمريكى ، كتب العديد من المؤلفات - كتبا و مقالات - فيما يتعلق بوضع اللاسلطوية و سبلها فى عالمنا المعاصر بشكل عام ، و المجتمع الأمريكى بشكل خاص ( من أهمها " الغاء العمل و مقالات أخرى " و " اللاسلطة بعد اليسارية") . يميل لكلا من المدرسة الفردية و ما بعد اليسارية فى التراث اللاسلطوى ، مع ذلك يبقى العمل نافذة جيدة للتعريف بما يعتقده  اللاسلطويين بشكل عام .

2 . قبائل البوشمن : مجموعة عرقية بدائية ، تتوزع مابين بتسوانا و ناميبيا . يبلغ عددهم الآن حوالى 82 ألف . يعتبرون من أقدم  المجموعات العرقية فى أفريقيا على الاطلاق . أكثر ما يثير الاهتمام بالنسبة للبوشمن هو ممارساتهم الاجتماعية واضحة اللاسلطوية ، اذ  يتخذون قراراتهم بالاجماع و يفسحون مساحة واسعة للنساء لتلعب أدوارا اجتماعية تتخطى فيها الهرمية الأبوية التقليدية . و يتوج الأمر  باقتصادهم " المجانى " القائم على تقديم السلع و الخدمات طوعا بغير اتفاقات تبادلية ملزمة .


    
        

الأناركية .. ما هي ؟ - تامر موافي


الأناركية ماهي؟
تامر موافي 



أناركى هى كلمة يونانية قديمة تعنى حرفيا لا حاكم أو لا سلطة و قد أستخدمت الكلمة طوال قرون فى الكتابات الغربية لتشير إلى حالة بلد أو إقليم جغرافى حال تفكك أو سقوط السلطة المركزية المسيطرة عليه مما يؤدى إلى صعود قوى مختلفة تتصارع للحلول محلها محدثة حالة من فوضى الحرب الأهلية و من ثم أصبحت الكلمة فى اللغات الأوروبية المختلفة مرادفة للفوضى.
فى المقابل فإن الأناركية كنظرية و فكر سياسى و كحركة إجتماعية تبلورت لأول مرة فى النصف الثانى للقرن التاسع عشر فى إطار نشأة الحركات العمالية و الإشتراكيةو إتخذ بعض أوائل مفكريها مسمى الأناركية بمعنى اللاسلطوية إذ دعوا إلى أن ينظم المجتمع شؤونه ذاتيا دون تسلط لفرد أو جماعة على مقدرات و حياة غيرهم.
اللاسلطوية تعنى الغياب التام للسلطة و ليس تفكيك السلطة المركزية لسلطات متناحرة تحدث الفوضى فى المجتمع و هى تعنى إستبدال مؤسسات الدولة المركزية و الهرمية بمؤسسات شعبية أفقية أى لا يكون فيه تراتبية هرمية و شبكية أى لا مركزية ترتبط كل منها بالأخرى للتكامل و لإدارة الموارد المشتركة و إتخاذ القرار فيما يخصها.
على المستوى النظرى ينشأ الإقتناع باللاسلطوية عن الإيمان بالحق الطبيعى لكل إنسان فى أن يكون هو وحده سيد مصيره دون غيره من البشر؛ بمعنى ألا يمتلك أى فرد أو جماعة من السلطة عليه ما يسمح لهم بتشكيل حياته رغم أنفه بما يفرض عليه ظروفا لم يكن شريكا فى إختيارها.
من خلال هذا المبدأ يمكن فهم موقف الأناركية الرافض للدولة كشكل من أشكال تنظيم شؤون المجتمع يقوم على تركيز السلطة فى أيدى أقلية تشكل خياراتها الظروف الحاكمة لمعيشة جميع أفراد المجتمع مما يعنى إستلاب حق الآخرين فى حرية إختيار ما يحقق مصالحهم الحقيقية و أهم من ذلك ما يحفظ حقوقهم الأساسية بدءا بالحق فى الحياة و حتى الحق فى السعى إلى السعادةو من خلال المبدأ ذاته يمكن فهم حقيقة أن الأناركية نظرية و حركة إشتراكية فى الأساس و معادية للرأسمالية كنظام إقتصادى و إجتماعى يكون فيه لأقلية أن تسيطر على موارد المجتمع و على رؤوس الأموال فيه و من ثم تحتكر إدارة الإقتصاد بما يحقق مصالحها المتمثلة فى تحقيق أكبر ربحية ممكنة و مما يسلب الغالبية العظمى من حق إدارة الإقتصاد بما يحافظ على حصولها على حاجاتها الأساسية و حقوقها الإنسانية فى الغذاء و الكساء و المأوى و مما يحكم على هذه الغالبية بدرجات متفاوتة من الفقر يحرم أفرادها من حقهم الطبيعى فى تنمية قدراتهم إلى أقصى حد ممكن فيحرمهم و يحرم المجتمع كله من ثمار هذه القدرات.
ترفض الأناركية أيضا كل أشكال السلطة الممارسة داخل المجتمع فى مظاهر التمييز على أساس الجنس و العنصر و الدين إلخو ينبغى هنا توضيح أن الأناركية ترفض أن تمارس الدولة أو أى مؤسسة أى سلطة باسم الدين و لكنها لا تعادى الدين فى ذاته لأن حرية الإعتقاد و حرية ممارسة الشعائر الدينية تدخل جميعا فى إطار الحقوق الأساسية للفرد و المجتمععلى الأساس نفسه ترفض الأناركية، الفاشية القومية التى تسعى لتذويب الأقليات العرقية و قمع الإختلاف الثقافى و لكنها لا ترفض أو تتدخل فى الإنتماءات القومية و مشاعر الوطنية و الخصوصية الثقافية للجماعات البشرية.
البديل الذى يطرحه الأناركيون هو مجتمع من المنتجينو يقصد بالمنتٍج كل فرد يبذل جهدا ذهنيا و بدنيا يترجم إلى قيمة إستعمالية مضافة لسلعة أو خدمة يستهلكها أفراد المجتمعو يسيطر هذا المجتمع على جميع الموارد و وسائل الإنتاج المتاحة و يدير عملية الإنتاج فى المؤسسات الإنتاجية و الخدمية العاملون بها و تتخذ القرارات الأساسية بها الجمعيات العمومية بينما ينتدب بالإنتخاب أعضاء لجان و مجالس يؤدون وظائف محددة تكلفهم بها الجمعيات العمومية مع إمكان إستدعائهم بمعنى إلغاء إنتدابهم فى أى وقتو بنفس نمط الإنتداب و التكليف و القابلية للإستدعاء تنتخب لجان و مجالس لإتحادات عمالية تنسق العمل فى كل قطاع إنتاجى أو خدمى على مستوى الأقاليم أو البلدان أو على أى مستوى آخرو يوجه عملية الإنتاج فى مجملها سائر المجتمع من خلال الطلب المباشر على السلع و الخدمات و من خلال رقابته على جودة المقدم منها و سيطرته على توجيه الموارد إلى المؤسسات المختلفة.
فى المقابل يدير السكان فى مناطق سكنهم شؤونهم اليومية من خلال آليات مشابهة تبدأ بالجمعيات العمومية للمجاورات السكنية و بالقرى الصغيرة و تتوسع بمجالس إنتدابية للوحدات الأكبر فالأكبر.
هذا الطرح فى خطوطه العامة يستلهم نماذجه من تجارب فعلية للإدارة الذاتية مارسها العمال و السكان فى إطار الثورات الشعبية فى مختلف أنحاء العالم عبر التاريخ الحديث كما يبنى على التجارب الناجحة لتعاونيات العمال و تعاونيات العمال و المستهلكين القائمة اليوم فى بلدان مختلفة فى العالمو هو فى النهاية ليس برنامجا تفصيليا حيث أن تفاصيل الآليات التى يدار بها المجتمع ذاتيا هى نفسها خاضعة لإختيار أفراد هذا المجتمع و ما يتوافقون عليه، و يجتهد الأناركيون فى طرح تصوراتهم لمثل هذه الآليات لإثبات إمكان وضع تصورات عملية و منطقية للكيفية التى يمكن بها للمجتمع أن يدير شؤونه دون الحاجة لسلطة.
يؤمن الأناركيون أن الوسائل لا تنفصل عن الأهداف التى تستخدم لتحقيقها و من ثم فإن بناء المجتمع الأناركى لا يمكن أن يتم بإستخدام السلطة و لا يمكن فرضه على المجتمع رغما عنه بأى سبيل، و لذلك يرفض الأناركيون السعى للإستيلاء على السلطة سواء كان ذلك عن طريق صناديق الإنتخاب أو عن طريق العمل الإنقلابى المسلح.
فى المقابل يؤمن الأناركيون بأن كفاح الطبقات الكادحة من عمال و فلاحين و مهمشين فى سبيل نيل حقوقهم هو المدرسة الحقيقية التى يتعلمون من خلالها سبل التعاون الفعال لإدارة كفاحهم ذاتيا و بذلك يكون نضالهم هو النواة الأولى لبناء المجتمع الأناركى فى قلب المجتمع الطبقى، و لذلك يسعى الأناركيون إلى طرح البديل التحررى لإدارة النضالات اليومية لهذه الطبقات و يدعمون مبادراتها الذاتية لخلق مؤسساتها النقابية و التعاونيةو ينخرط الأناركيون بنشاط واضح فى كل مظاهر الإحتجاج السلمى الموجهة للدفاع عن حقوق العمال أو المرأة أو الأقليات و الفئات المضطهدة فى المجتمع و كذلك الموجهة ضد العولمة و ضد تغول الرأسمالية العالمية على البيئة و تعريضها للجنس البشرى كله لكارثة بيئية حتمية إن إستمرت ظواهر الإحتباس الحراى و التلوث البيئى فى التمدد دون مجابهة جادة.
فى النهاية فإن الأناركية مقارنة بحجم إنتشارها المحدود تعتبر أكثر التيارات السياسية تعرضا للهجوم و التشويه و يعد الإتهام بممارسة العنف أكثر الإتهامات الكاذبة شيوعا عن الأناركيين رغم أن الحقيقة التاريخية تثبت أنهم أقل التيارات السياسية ممارسة للعنف و بفارق كبير عن غيرهمو برغم أن الفئة الضئيلة من الأناركيين الذين آمنوا بأن أعمال العنف تصلح سبيلا لحفز الجماهير على الثورة عاشت و مارست عنفها فى بداية القرن الماضى ثم إختفت و لم يعد لها وجود بين تيارات الإناركية المعاصرةو لا يمكن تبرير حجم التشويه الذى تتعرض له الأناركية إلا بأنها كغيرها من التيارات الإشتراكية المؤمنة بالثورة أى السعى للتغيير الجذرى للمجتمع تمنح البشر الأمل فى أن بالإمكان بناء عالم أفضل و أنه ليس عليهم الإستسلام لدعاوى ال5% من سكان هذا الكوكب المسيطرون على مصائره بأن فوضى إستغلالهم و إستبدادهم و حروبهم و الفقر الذى يفرضونه على الغالبية هى قدر محتوم لا سبيل للفكاك منه.

السبت، 24 ديسمبر 2011

بيان من الحركة الاشتراكية التحررية عن الاتهامات الموجهة ضد الرفيق ياسر عبد القوي


بيان من الحركة الاشتراكية التحررية عن الاتهامات الموجهة ضد الرفيق ياسر عبد القوي

الرفاق الأعزاء
الرفاق في الحركة الأناركية العالمية

تتعرض الحركة الاشتراكية التحررية منذ أسابيع لهجوم تشنه عليها الأحزاب الدينية الفاشية، عبر مواقع على الانترنت وعبر وسائل الإعلام الموالية للفاشية العسكرية الحاكمة في مصر.
لقد كنا دائما أبدا كممثلين للأناركية في مصر جزءًا من نضال الكادحين المصريين ضد قمع الدولة واستغلال الرأسمالية، ومحاربين ضد فاشية الأحزاب الدينية.
لقد بلغ هجومهم الإجرامي أوجه اليوم بتقديم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين بلاغًا للنائب العام ونيابة أمن الدوله العليا( القضاء المختص بتتبع السياسيين) ضد واحد من رفاقنا هو : ياسر عبد القوي.
إننا لن نخشى الفاشية أبدًا ولن نتراجع عن مقاومتها سواء بوجهها العسكري أو الديني، ولن يهتز إيماننا النضالي بمثل هذه التهديدات السلطوية.
إننا نطالب رفاقنا في العالم كله بمساندتنا معنويًا وفضح المؤامرة الحقيرة التي تحاك ضد الأناركيين المصريين عمومًا والحركة الاشتراكية التحررية خصوصًا.
إننا نعلم أن روح التضامن الثورية ما بين أناركيي العالم ستبقى شعلة متوهجة في الأفق تنير لنا جميعًا طريق نضالنا وترشدنا للطريق نحو عالم حر بلا استغلال وبلا دولة.

عاش نضال كادحي العالم
عاش نضال الأناركيين

السبت، 19 نوفمبر 2011

نشرة الاشتراكية التحررية - العدد الأول

العدد الأول من نشرة الاشتراكية التحررية التي تصدرها الحركة الاشتراكية التحررية في مصر 

الاشتراكية التحررية العدد الأول

الخميس، 27 أكتوبر 2011

الوصايا الثابتة للأناركية ألبرت ملتز ترجمة : مازن كم الماز


الوصايا الثابتة للأناركية
من كتاب الأناركية, الحجج دفاعا عنها و ضدها
ألبرت ملتز
ترجمة : مازن كم الماز


عن موقع آلف

إن البشر يولدون أحرارا
 إن حقوقنا غير قابلة للمساومة . يأتي كل إنسان إلى هذا العالم كوريث لكل الأجيال السابقة . إن العالم بأكمله هو لنا بحق الولادة فقط . إن الواجبات التي تفرض علينا كالتزامات أو كمثل عليا , كالوطنية مثلا , الواجب تجاه الدولة , عبادة الإله , الخضوع لطبقات أو سلطات أعلى , احترام الامتيازات الموروثة , كلها أكاذيب .

إذا كان البشر يولدون أحرارا , فالعبودية تكون بمثابة قتل.
 لا يمكن لأحد أن يحكم أي شخص آخر . لا يمكن الزعم أن البشرية كاملة , أو أنه بسبب طيبتها الطبيعية ( أو بسبب نقص في هذه الطبيعة ) يجب السماح لهذا الشخص أو ذاك ( أو لا يجب ) بممارسة حكم الآخرين . إن الحكم بهذا الشكل يؤدي إلى التعسف . لا يوجد بشر متفوقون و لا طبقات ذات امتيازات فوق أو أرفع من "البشرية غير الكاملة أو الناقصة" تستطيع أو مخولة بحكم بقيتنا . إن الخضوع للعبودية يعني التنازل عن الحياة .

كما أن العبودية قتل , فإن الملكية هي سرقة.
 تعني حقيقة أن البشرية لا تستطيع التصرف بميراثها الطبيعي أن جزءا منه قد أخذ منها , إما بوسائل القوة ( القوة الشرعية القديمة أو السرقة ) أو الخداع ( الإقناع بأن الدولة أو حاشيتها أو أية طبقة تسيطر على الملكية بالوراثة مخولة بالحصول على امتيازات ) . إن كل أنظمة الملكية الحالية تعني حرمان البعض من ثمرة عملهم . من الصحيح أنه في مجتمع يقوم على التنافس , أن الاستحواذ على الوسائل المستقلة هو فقط الذي يتيح للإنسان أن يكون متحررا من الاقتصاد ( هذا ما عناه برودون عندما قال , مخاطبا الحرفيين المستقلين , أن "الملكية هي حرية" , والذي بدا أول الأمر متناقضا مع قوله المأثور أن الملكية هي سرقة ) . لكن مبدأ الملكية , فيما يخص المجتمع , يقع في أصل اللا مساواة .

إذا كانت الملكية سرقة , فإن الحكومة هي الطغيان.
إذا قبلنا بمبدأ المجتمع الاشتراكي و بإلغاء الامتيازات الموروثة و الطبقات المهيمنة , تصبح الدولة عندها غير ضرورية . إذا جرى الاحتفاظ بالدولة مع ذلك , تصبح هذه الحكومة غير الضرورية طغيانا بما أنه ليس أمام هذا الجسم الحاكم أية وسيلة أخرى للاحتفاظ بسيطرته ( سوى الطغيان ) . " إن الحرية من دون اشتراكية هي استغلال : أما الاشتراكية من دون حرية فهي طغيان " ( باكونين ).

إذا كانت الحكومة هي الطغيان , فالأناركية هي الحرية.
 أولئك الذين يستخدمون تعبير "الأناركية" ليعنوا الفوضى أو الاضطراب هم على خطأ . إذا اعتبروا أن الحكومة ضرورية , و إذا اعتقدوا أنه لا يمكننا أن نعيش دون أن تقوم الحكومة البريطانية بتوجيه أمورنا , و إذا اعتقدوا أن وجود السياسيين ضروري لسعادتنا و أنه لا يمكننا أن نتصرف بطريقة اجتماعية من دون وجود الشرطة , فإنهم عندها محقون في افتراض أن الأناركية تعني عكس ما تضمنه الحكومة . لكن أولئك الذين يحملون الرأي النقيض , و يعتبرون الحكومة هي الطغيان , هم محقون أيضا في اعتبار أن الأناركية , وليس الحكومة , هي الحرية . إذا كانت الحكومة هي مجرد المحافظة على الامتيازات و الاستغلال و انعدام عدالة التوزيع , عندها تكون الأناركية هي النظام.

نقلا عن   www.spunk.org/txt/writers/meltzer/sp001500.htm#TENETS

عن الحب الحر رسالة من أمريكا سكارفو الى إيميل آرماند ترجمة : مازن كم الماز


عن الحب الحر
رسالة من أمريكا سكارفو الى إيميل آرماند
ترجمة : مازن كم الماز


عن موقع الحوار المتمدن  http://www.ahewar.org/debat/print.art.asp?t=0&aid=271209&ac=2

ترجمة لوثيقة هامة في تاريخ اللاسلطوية الأرجنتينية و التفكير اللاسلطوي فيما يتعلق بأخلاق الحب . "أريد للجميع ما أريده لنفسي : حرية الفعل , الحب , التفكير . أي أنني أريد الأناركية لكل البشرية".


كلمة للمترجم :
يجب أن أعترف أنني بترجمة هذه الرسالة – الوثيقة أعلن استعدادي لتلقي النار , ليس فقط من الآخرين , بل من وعيي الخاص أيضا , لكني أعتقد أيضا أنه على وعيي الذكوري , كما وعيكم الذكوري حتى لو كنتم إناثا ما دمتم تقبلون وضعية المرأة كجنس مقهور , عليه أن ينظر خاصة اليوم بشكل مختلف إلى ذاته كما إلى الآخرين , هذه المرة كمتساوين , و أحرار مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك قاسية على وعينا التقليدي , صحيح أن هذا الشعار الجميل الذي يداعب أحلام الملايين اليوم قد يصبح مرعبا إذا هدد وضعية الثوار أنفسهم كجنس قاهر أو إذا هدد امتيازات بعضهم أو معظمهم , لقد انتصرنا في وعينا الفردي و الجمعي حتى الآن على حجج الاستبداد السياسي و الفكري , هكذا فقط صنعنا ثوراتنا , لكن الاستبداد الاجتماعي و الأخلاقي ذا جذور أكثر عمقا , و هي قد تبدو اليوم كما كان الاستبداد السياسي و الفكري يبدو حتى الأمس فقط , ضرورة لا بد منها لاستمرار الحياة الإنسانية و قد تبدو حرية المقهورين , النساء هنا , و إنهاء علاقة السيد / العبد بين المرأة و الرجل إيذانا بالفوضى و السقوط الأخلاقي , تماما كما كان الاستبداد السياسي يعتبر سقوطه نهاية للمجتمع ككل .. حتى نحن , الأقلية التي تحدثت في الماضي أيضا عن الحب الحر كنا ذكوريين بمعنى من المعاني , حتى عندما كان بعضنا يردد بكثير من الإعجاب ما ذهب إليه مزدك و بعده بابك و بعض فرق الهراطقة من المسلمين و المسيحيين و غيرهم , من فرق الغلاة في الأغلب , عن اشتراك الجميع في النساء و المال , لا أخفيكم أن هذا الشعار ذكوري أيضا , إنه لا يعني في الواقع تحرير المرأة , و لا مساواتها بالرجل , فالمرأة الحرة و الند للرجل ليست ملكا لأحد , لا ملكية خاصة و لا ملكية جماعية , إنها ليست وسيلة إنتاج , و لا أداة للمتعة , إنها كائن إنساني كامل الأهلية , له كامل الحرية في تقرير مصيره بل و في رسم المصير المشترك للبشر ناهيك عن أن تحدد مع الرجل , مع شريكها في الحب و الجنس , شكل العلاقة بينهما بحرية ... هنا يجب التوقف أمام نقطة هامة جدا , نحن هنا أيضا لا نخترع , لقد مارس البشر حريتهم فعلا حتى في هذا المجال في إطار الحب بل خاصة في هذا المجال , فالحب حالة شعورية جسدية معقدة ترتبط بالحرية و تقتضي في كثير من الأحيان شعور الطرفين بالحرية أو أنها هي التي تنتج شعور العاشقين بالحرية أو تكون الشكل الوحيد لممارسة هذه الحرية حتى في أشد المجتمعات محافظة و انغلاقا , هذا نسبيا فقط بالطبع فالحب أحيانا ينتج عن أو يعيد إنتاج مشاعر التبعية و الخضوع , قد يكون طاقة محررة أو قد يكون إضافة إلى آليات التدجين و القهر السائدة , لنعد إلى ماضينا القريب , فيجب أن نعترف أن ترديدنا لهذه الكلمات كان في معظم الأحيان أشبه برفع العتب أو بروتين سطحي و أنه كان بلا معنى تماما في نهاية الأمر , كنا و بقينا , في الغالب ذكوريين , أنا و أنتم , في معظمنا , كأبناء لعائلة تقليدية , عادية في تقليديتها , و لمجتمع تقليدي ذكوري و بطريركي , لم تتغلغل هذه الكلمات في وعينا , بقي مثل كل الكلام عن أن هدف الشيوعية البعيد هو تدمير التبعية و الخضوع و الاستغلال و القهر و الاستلاب كأساس لعلاقة الإنسان بالإنسان بما يعنيه ذلك من تدمير لأي شكل من أشكال الإكراه أو القسر أو الفرض من الخارج و إعادة تأسيس الحياة الاجتماعية على أساس حرية الجميع و مساواتهم , بقي هذا مجرد كلام يلاك و يجتر دون معنى , كان تحول الشيوعي إلى عضو في حزب شيوعي و هو الشكل الأساسي من الالتزام السياسي في السابق يعني دخوله في شكل معدل من الممارسة البيروقراطية الروتينية هي "الثورية" الاحترافية حيث كان يمارس بشكل منافق التنظير دون أن يمارسه في الواقع , بقي كأي مثقف آخر يعيش حالة الفصام بين النظرية و الممارسة , كان الروتين يستحوذ عليه و لكن مع تحول النضال إلى حالة روتينية احترافية مملة كان هذا الروتين يدمر كل ما هو حي و ثوري و تحرري في الكلام الذي كنا نردده , كان الكلام عن تحرير أنفسنا و الآخرين يستنفذ طاقته التحررية و كان يتحول , مثل باقي الحلم الشيوعي , بنظر الشيوعي إلى يوتوبيا بعيدة , أشبه بجنة المتدين , و تدريجيا مع تراجع النضالات الشعبية في الشارع و خاصة بمشاركة القوى اليسارية في احتواء هذا الحراك الشعبي و استبداله بحراك و مساومات فوقية و في القصور , أي بتراجع مجال العمل الفعلي في الشارع و سيطرة الروتين الداخلي الحزبي على الشيوعيين الذين كانوا يفقدون حيويتهم و ارتباطهم بالواقع , أصبح المطلوب من هذا الشيوعي أيضا أن يقوم بما يطلب من المتدين تماما , أي الالتزام بأقصى ما يمكن بروتين و طقوس و عقائد الفرقة الناجية ( الأصولية جدا هي أيضا ) لكي يستحق الدخول لتلك الجنة ذات يوم , لكن إذا أصبح بمقدوري عندما أصبحت أناركيا أن أتخيل عالما من رجال أحرار و متساوين , فإن الخطوة التالية الأهم في وعيي الآن ستكون هي أن أتخيل عالما من بشر متساوين و أحرار , نساءا و رجالا , أطفالا و شبابا و كهولا ... لقد اعتدنا أن نخفي حقيقة موقفنا من حرية الآخرين , خاصة الآخرين المنتمين إلى الطبقة أو العرق أو القومية أو الجنس المقهور , خلف ستار من التفوق المزعوم , المادي أو الأخلاقي أو "الطبيعي" أو الفيزيولوجي الخ , دائما كانت حرية هذا المقهور تعني بالنسبة للقاهر و حتى بالنسبة لجزء كبير من المقهورين انحطاطا و فوضى ( انظر دفاع البعض عن أنظمة بشار الأسد و القذافي و صدام و ستالين و بوش و الخ ) , دائما كانت حرية المقهورين تساوي الفوضى , و حرية القواعد الحزبية تعني التحريفية , و حرية التفكير تعني الكفر بالنسبة لرجال الدين من كل الأديان , لكن قد فات الوقت الآن , لقد أصبح القسم الكبير من جيلنا أيضا , جيل هذه الثورات , مهرطقا و كافرا و محرفا و خارجا على السائد و عدوا للسلطة بشكل من الأشكال , هذه فرصة استثنائية لنمارس حريتنا , و لو بكل تطرف كما يقول كل من يكره الحرية , هذا التطرف الذي يعني في حقيقة الأمر أن نمارسها بحقيقتها و بدون أية مساومة مع أي شكل من الإكراه و القسر و القمع و الاضطهاد ... أدرك جيدا أن رجال الدين و المثقفين سيستغلون أي شيء لتخويف البرجوازية الصغيرة و حتى الفقراء و المضطهدين من حريتهم , و أن كلمة مثل الحب الحر ستستخدم كبعبع لتشويه الحرية أمام الجمهور العريض , لكن فكرة إثارة الرعب عند هؤلاء مغرية بحد ذاتها , أعتقد أن تملق رجال الدين و المثقفين السلطويين ليس سياسة مناسبة , في الماضي كان هذا هو الذي ينتج الطغاة أو يساعدهم في الاستمرار على الأقل , كم احتجنا من الوقت لندرك أن نير الاضطهاد و العبودية الذي قبلنا به عقودا أو قرونا ليس ضروريا كما زعم أزلام الطغاة , اليوم ألا تقول الحقيقة كاملة عن الحرية بكليتها كحلم و كقاعدة وحيدة ضرورية للاجتماع الإنساني حقا في هذه اللحظة التاريخية , لحظة الانقلاب الثوري العارم , يعني خيانة للناس و للمضطهدين و لقضية الحرية أيضا , إن الحرية كالحياة , تعني أساسا التغلب على الخوف , هذا الخوف الذي يدفعنا لتقبل القيود على أنها جزء من طبيعة الأشياء , و لأنه فيما يخص الحرية بالتحديد لا توجد أنصاف حلول , يجب أن نعرف جميعا , أنه ما لم نحطم جميع قيودنا , فهذا سيعني شيئا واحدا فقط , هو أن نبقى عبيدا , بشكل أو بآخر .. على الناس أن تبدأ أيضا و هي تحارب اليوم في سبيل حريتها , أن تبدأ بمحاولة فهم كل ما يتعلق بحريتها و بالحرية عموما , حرية الإنسان و كل إنسان , قد لا أتفق تماما مع ما كتبته الشابة الأرجنتينية أمريكا قبل 85 عاما ( أنا شخصيا كنت أعتقد أيضا أنه لتكون أجسادنا حرة يجب أن نكون متحررين فعلا من الاستغلال , و من الندرة , من الحاجة , من ضغط الوصفة السائدة للأخلاق و من ضغط السلطة التي تدعمها و من ضغط القانون الذي يشرعها , لقد كنت مثل كل الستالينيين أعتقد أن الحرية هي مشروع مؤجل إلى وقت غير محدد , و أنا أيضا أتغير ببطء كما نفعل جميعا ) , اليوم عندما نثور نحدد هدفا مختلفا عن كل هذا الهراء و الثرثرة النخبوية الطليعية الفوقية و المعادية للناس العاديين : إننا نريد الحرية الآن و هنا , و فورا !! عندما نتحدث عن الحرية اليوم يعني بالضرورة أننا نتحدث عن الإنسان الحر , عن الفكر الحر , عن العمل الحر من الاستغلال , عن العقل الحر و عن الجسد الحر أيضا , و أيضا من دون شك , الحب الحر , قد نختلف على ما هو الحب الحر , لكن هذا ليس إلا جزءا من عملية إبداع الحياة الحرة نفسها , هكذا فقط يمكن أن نكون أحرارا , هذا ليس رطانة أو بديع لغوي , إنه واقع حقيقي جدا , البشر الأحرار وحدهم لا يخافون من ممارسة الحرية , العبيد وحدهم يقنعون بالقيود , و الأحرار هم وحدهم أيضا من يستطيع أن يحب بحرية ....

رسالة أمريكا سكارفو إلى إيميل أرماند

بوينس آيرس 3 ديسمبر كانون الأول 1928 , إلى الرفيق إيميل أرماند
أيها الرفيق العزيز،
الهدف من رسالتي هو أولا أن أطلب منك النصيحة . علينا أن نتصرف في كل لحظات حياتنا بما يتوافق مع طريقتنا في رؤية و فهم الأمور , بتلك الطريقة التي يجد فيها توبيخ الناس و انتقادهم فرديتنا محمية بأكثر الأفكار عن المسؤولية و الحرية صحية , التي تشكل جدارا منيعا يضعف هجماتهم . لهذا السبب علينا أن نتصرف بما يتوافق مع أفكارنا .
قضيتي , أيها الرفيق , هي النظام العاطفي . أنا طالبة شابة أؤمن بحياة جديدة . أؤمن أنه بفضل أعمالنا الحرة , الفردية و الجماعية , يمكننا أن نصل إلى مستقبل من الحب و الإخاء و المساواة . أريد للجميع تماما ما أريد لنفسي : حرية الفعل , الحب و التفكير . أي أنني أرغب بالأناركية لكل البشرية . أعتقد أنه لكي نحقق هذا علينا أن نقوم بثورة اجتماعية . لكني أيضا أرى أنه لكي نصل إلى تلك الثورة من الضروري أن نحرر أنفسنا من كل أنواع المواقف المسبقة ( المجحفة ) , و المواقف التقليدية , و الأخلاق الكاذبة و القواعد السخيفة . و بينما ننتظر اندلاع هذه الثورة العظمى علينا أن نقوم بهذا العمل في كل أعمال وجودنا . و بالفعل لكي نجعل هذه الثورة تندلع لا يمكننا أن نقنع أنفسنا بالانتظار فقط بل نحتاج لأن نعمل في حياتنا اليومية . علينا متى كان ذلك ممكنا أن نتصرف من موقع أناركي , أي من موقع إنسان .
في الحب مثلا لن ننتظر الثورة , سنوحد أنفسنا بحرية , دون أن نلتفت إلى المواقف المسبقة ( المجحفة ) , أو الحواجز أو الأكاذيب التي لا تحصى التي تقف في وجهنا كعوائق . لقد تعرفت على رجل , رفيق في الفكر . إنه متزوج بحسب قوانين البرجوازية . لقد ربط نفسه بامرأة نتيجة لظرف طفولي , من دون حب . في ذلك الوقت لم يكن قد تعرف على أفكارنا بعد . لكنه عاش مع هذه المرأة لعدد من السنين , و لديهما أطفال . إنه لم يجرب الإشباع الذي كان يجب أن يشعر به مع إنسانة يحبها . أصبحت الحياة مضجرة , الشيء الوحيد الذي وحد بينهما كان الأطفال . و هو ما يزال مراهقا ( شابا ) تعرف هذا الرجل على أفكارنا , و ولد داخله وعي جديد . تحول إلى مناضل شجاع . و كرس نفسه للدعاية بحماسة و ذكاء . كل الحب الذي لم يوجهه نحو إنسان آخر وجهه عوضا عن ذلك نحو مثاله الأعلى . في تلك الأثناء استمرت الحياة في المنزل بنفس الرتابة التي خفف منها فقط سعادة أطفالهما الصغار . حدث أن الظروف جمعتنا معا , أولا كرفاق في الفكر . تحدثنا , تعاطفنا مع بعضنا البعض , و تعلمنا كيف يتعرف كل منا على الآخر . هكذا ولد حبنا . لقد اعتقدنا في البداية أنه مستحيل . هو , الذي كان قد أحب فقط في أحلامه , و أنا , التي بالكاد أدخل إلى الحياة . استمر كل منا بالحياة بين الشك و الحب . القدر – أو ما هو أفضل , الحب – تكفل بالباقي . فتحنا قلوبنا و بدأ حبنا و بدأت سعادتنا تغني أغنيتها , حتى وسط النضال , في ظل المثل الأعلى , الذي منحنا في الواقع حافزا أكبر حتى . و عبرت عيوننا , شفاهنا , قلوبنا , عن نفسها في سحر القبلة الأولى . لقد كان الحب مثلنا الأعلى , لكننا كنا نحوله إلى واقع . الحب الحر , الذي لا يعرف حواجز , و لا عوائق . القوة المبدعة التي تنقل الاثنين عبر حقل من الأزهار , مفروش بالورود – و أحيانا بالأشواك – لكن حيث وجدنا السعادة دائما .
أليست هذه الحالة التي يتحول فيها الكون برمته إلى جنة حيث يعشق فيها الاثنان أحدهما الآخر ؟
زوجته أيضا – رغم معرفتها المحدودة نسبيا – تتعاطف مع أفكارنا . فيم يتعلق بها فقد برهنت على كراهيتها للقتلة المأجورين للنظام البرجوازي عندما بدأ البوليس بمطاردة صديقي . هكذا أصبحت أنا و زوجة صديقي أصدقاء . إنها تدرك تماما ما الذي يعنيه الرجل الذي يعيش إلى جانبها بالنسبة لي . شعور التعاطف الأخوي الذي وجد بينهما سمح له بأن يبوح لها , و قد أعطاها حريتها لتتصرف كما تريد , بطريقة أي أناركي واعي . حتى هذه اللحظة كي أقول الحقيقة لقد عشنا كما في الحكايات . أصبح حبنا أقوى مع كل يوم . لا يمكننا أن نعيش معا , بسبب الوضع السياسي لصديقي و بسبب حقيقة أنني لم أنهي دراستي . إننا نلتقي , عندما يمكننا ذلك , في أماكن مختلفة . أليست هذه أفضل طريقة لدفع الحب , بإبعاده عن مستلزمات الحياة المحلية ( المشتركة ) ؟ رغم أنني أكيدة أنه عندما يكون هذا حبا حقيقيا فالشيء الأجمل هو أن نعيش معا .
هذا ما أردت شرحه . بعض الأشخاص هنا تحولوا إلى قضاة . و هؤلاء لا يوجدون فقط بين الناس العاديين بل أيضا بين رفاق الفكر الذين يرون أنفسهم على أنهم متحررين من الأفكار المسبقة لكن الذين هم في أعماقهم عديمي التسامح . أحد هؤلاء قال أن حبنا جنوني , آخر أشار إلى أن زوجة صديقي تلعب دور "الشهيدة" , على الرغم من حقيقة أنها تعرف كل شيء عنا , و رغم أنها سيدة نفسها و أنها تستمع بحريتها . ثالث طرح العقبة الاقتصادية السخيفة . أنا مستقلة , تماما مثل صديقي . سأخلق على الأغلب وضعا اقتصاديا لنفسي سيحررني من أي قلق في هذا الصدد .
هناك أيضا مسألة الأولاد . ماذا سيفعل الأطفال بالمشاعر التي في قلوبهم ؟ لماذا لا يستطيع الرجل الذي لديه أطفال أن يحب ؟ هذا يشبه القول بأن الأب في أسرة ما لا يستطيع أن يعمل لصالح فكرة , أن يقوم بالدعاية الخ . ما الذي يجعلهم يعتقدون أن هؤلاء الصغار سينسون لأن والدهم يحبني ؟ إذا كان الأب سينسى أطفاله فإنه يستحق احتقاري و لن يوجد أي حب بيننا .
هنا في بيونس آيرس , رفاق لديهم أفكار ضئيلة جدا عن الحب الحر . إنهم يتخيلون أنه يكمن فقط في المعايشة ( المساكنة ) دون أن يكون أحد الشريكين متزوج قانونيا , و في تلك الأثناء , في بيوتهم , يمارسون كل الحماقات و السخافات التي يمارسها الجهلة . هذا النوع من الاتحاد الذي يتجاهل السجل المدني و الكاهن يوجد أيضا في المجتمع البرجوازي . هل هذا هو الحب الحر ؟
أخيرا إنهم ينتقدون اختلافنا في العمر . فقط لأني أبلغ 16 عاما أما صديقي فهو في 26 من عمره . يتهمني البعض بأنني أدير علاقة تجارية , آخرون يقولون أني أفعل ذلك دون تعمد ( دون وعي ) . آه لأحبار الأناركية هؤلاء ! يجعلون مسألة السن تتدخل في الحب ! كما لو أن الدماغ لا يكفي لوحده ليكون الشخص مسؤولا عن أفعاله ! من جهة أخرى , إنها مشكلتي أنا , و إذا كان الفارق في السن لا يعني أي شيء لي , لماذا يجب أن يشغل أي شخص آخر ؟ ما أقدره و أحبه هو شباب الروح , الذي هو أبدي .
هناك أيضا من يعاملنا كمنحطين أو مرضى و أوصاف أخرى من هذا القبيل . لجميع هؤلاء أقول : لماذا ؟ لأننا نعيش الحياة بمعناها الحقيقي , لأننا نعترف بالطائفة الحرة للحب ؟ لأنه , تماما كما تجلب الطيور المرح إلى الشوارع و الحدائق , فإننا نحب دون أن نلق أي اهتمام لوصفات الأخلاق المزيفة ؟ أ لأننا مخلصين لأفكارنا ؟ إنني أزدري كل من لا يستطيع أن يفهم كيف يعرف أن يحب .
إن الحب الحقيقي بريء . إنه الشمس التي تمتد أشعتها إلى أولئك الذين لا يستطيعون بلوغ ارتفاعها . الحياة شيء علينا أن نعيشه بحرية . إننا نقبل على الجمال , على متع الروح , على الحب , هذه هي الطائفة التي نستحقها .
هذا كل شيء أيها الرفيق . أرغب بسماع رأيك في حالتي . أعرف جيدا ما الذي أفعله و لا أحتاج إلى موافقة أحد أو تصفيقه . فقط أنني و قد قرأت الكثير من مقالاتك و اتفق مع الكثير من نقاطها , سيشعرني بالرضا أن أعرف رأيك .
------------------------------------
كانت أمريكا سكارفو في 16 من عمرها عندما كتبت رسالتها هذه , الحبيب الذي أشارت إليه لم يكن سوى سيفيرنو دي جيوفاني . عن العلاقة بين الاثنين انظر كتاب أوزفالدو باير عن سيفيرنو دي جيوفاني . يقول باير أنه قبل الرسالة "تعرضت علاقة سيفيرنو و أمركيا لعاصفة قوية . أدت انتقادات الرفاق و العوائق التي كان من شبه المستحيل حلها أمام استمرار العلاقة و وضع أسرتها , إلى أزمة عند أمريكا , التي تخاصمت مع سيفيرنو و أخبرته أنها تنهي هذه العلاقة . كما في كثير من خلافات العشاق أنهى لقاء تالي كل هذه المشاكل و أعاد العلاقة بينهما أقوى مما سبق . رسالة أمريكا إلى L'ENDEHORS ( جريدة إيميل أرماند ) جاءت بعد عودتهما معا . كانت بمعنى من المعاني تهدف لجعل تلك المشاعر التي أبقوها حتى تلك اللحظة فيما بينهما معروفة للآخرين" .
نشرت الرسالة في L'ENDEHORS في 29 يناير كانون الثاني 1929 تحت عنوان "تجربة" إلى جانب جواب إيميل أرماند التالي :
"أيتها الرفيقة : رأيي لا يهم في قضيتك التي أرسلتها إلي عما تفعلينه . هل أنت منسجمة أم لا مع مفهومك الشخصي عن حياة أناركي ؟ إذا كنت تشعرين أنك منسجمة , تجاهلي إذن تعليقات و إهانات الآخرين و واصلي مشوارك الخاص . ليس لأحد الحق في الحكم على طريقتك في التصرف , حتى لو كانت زوجة صديقك عدائية تجاه علاقتكما . كل امرأة تربط حياتها بأناركي ( أو العكس ) تعرف جيدا أنه لا يجب عليها أن تمارس عليه , أو أن تقبل منه , أي نوع من أنواع الهيمنة" .


نقلا عن :  http://libcom.org/history/letter-am%C3%A9rica-scarf%C3%B3-emile-armand

نبذة عن حياة إيميل أرماند ( 1872 – 1963 ) كان أول شبابه ناشطا مسيحيا , تعرف على الأناركية ( اللاسلطوية ) من خلال ليو تولستوي , حيث أصبح أناركيا مسيحيا و مسالما في الأول , ثم أناركيا شيوعيا ثم فردانيا .

السبت، 22 أكتوبر 2011

كيف يمكن تعريف الاشتراكية التحررية ؟

ورقة مقدمة من الرفيق ياسر عبد الله إلى مؤتمر الإشتراكية التحررية الأول المنعقد في مركز هشام مبارك يوم 7 أكتوبر 2011
كيف يمكن تعريف الاشتراكية التحررية